جوفاء يمكن لأية دولة عظمى أن لا تعيرها اهتماماً طالما كان في يدها هذا السلاح الذي تنهار أمامه جميع الادعاءات.
ورغم هذا الدفاع العادل فقد باءت محاولات الدول الصغرى بالفشل. . واكتفت بتأكيد أصدرته الدول العظمى أثناء المناقشة ومفاده أنها في استعمال حقوقها في التصويت سيحدوها دائماً الإحساس بتبعاتها نحو الدول الصغرى وأنها لن تستعمل حق الاعتراض إلا في أضيق الحدود.
نستطيع أن نفهم إذن مما تقدم أن حق الاعتراض هو - أولا - نص من نصوص ميثاق هيئة الأمم جاءت به المادة السابعة والعشرون، وأنه - ثانياً - ميزة تعتذ بها الدول الكبرى وتحرص عليها أشد الحرص.
ولما كان هذا الحق نصاً من نصوص الميثاق، فهو - كبقية النصوص معرض للتفسيرات المغرضة التي تتلاءم مع أهواء كل من الكتلتين، الشرقية والغربية، وكان من المحتوم أن يثور حوله الخلاف ويكثر الجدل لا سيما أنه يعد من أهم النصوص بل أقواها على الإطلاق.
استعملته الكتلة الشرقية في مسألة البلقان وحدها ثلاث مرات، ولاشك أنها بذلك قد فوتت على غريمتها أغراضها وخططها الأمر الذي أثار حفيظتها ودفعها هي الأخرى إلى استعماله أخذاً بالثأر والانتقام. . . ولعله من المؤسف حقاً أن تكون الشقيقة إندونيسيا ضحية للاستعمال السيئ لحق الاعتراض مما حرك سخط الضمائر الحرة على الكتلة الغربية التي كانت تلوح به أيضاً أثناء نظر القضية المصرية.
ومهما يكن الآراء فإن من المحقق أن الدول العظمى قد نقضت وعدها السابق، وأصبحت تستعمل حق الاعتراض طوع الأهواء والشهوات، ولعل أعظم دليل على ذلك ما حدث ومازال يحدث في طلبات الانضمام إلى هيئة الأمم، وكان من جراء ذلك كله أن تعود صيحات الدول - لاسيما الكتلة الغربية - منددة بسوء استعمال حق الاعتراض في اجتماع الدورة الحالية للجمعية العامة فارتفعت صيحة تقول: إن استعمال الدول الكبرى لحق الفيتو قد شل العمل في سبيل تحقيق السلام العالمي، وأن ثمة خطراً من إساءة استعماله مما قد يجعل استتباب السلام مستحيلا.