وتجاوبت أخرى تقول إنه ليس من المغالاة في شيء أن بناء هيئة الأمم المتحدة لابد أن ينهار يوماً ما بفعل الضربات المستمرة التي تصيبه من معول الفيتو، وأنه ينبغي أن يختار العالم بين هيئة الأمم المتحدة والفيتو إذ لا قبل لنا بهما معاً ولا يبعد أن نفقد الاثنين عما قريب.
ورغم أن الأرجنتين هي التي أثارت هذه القضية في الجمعية العامة إلا أن الولايات المتحدة هي التي تزعمت الحركة المناهضة، واقترح (مارشال) وزير خارجيتها في خطابه الذي ألقاه أن تقوم (هيئة تنفيذية للسلم والأمن الدولي) تتكون من جميع أعضاء الجمعية العامة، وهذا الاقتراح خطير جداً نستطيع أن نفهم منه أشياء كثيرة.
وتبدو خطورته إذا ما عرفنا أن لمجلس الأمن اختصاصين: يتعلق الأول منهما بحل المنازعات حلا سلمياً أو بعبارة أدق حل المنازعات التي يكون من شأن استمرارها تعريض السلم والأمن الدولي للخطر، ويختص الثاني بالأحوال التي يقع فيها تهديد للسلم أو إخلال به أو حصول عدوان معين.
وعلى ذلك يكون هدف مارشال أن ينتزع الاختصاص الأول لمجلس الأمن لتقوم به الهيئة التنفيذية المقترحة، وإذا عرفنا أن حق الاعتراض هو السائد في جميع أعمال مجلس الأمن بنوعيها استطعنا أن نفهم أن الاقتراح يرمي إلى إبعاد حق الاعتراض عن المسائل التي من الاختصاص الأول لمجلس الأمن والتي يراد إلصاقها بالهيئة المقترحة وهي المسائل المتعلقة بالسلم والأمن الدولي ثم قصر هذا الحق على الاختصاص الثاني أو ما عبر عنه مارشال بالحالات التي تضطر فيها هيئة الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءَات عسكرية أو اقتصادية. ولعل من المفيد أن نقدم للقارئ بعض فقرات من خطاب مارشال يشرح فيها وجهة نطره فيما يتعلق بهذا الاقتراح حين قال:
(إنه يتسنى بذلك أن نبعد تهديد استعمال الفيتو في المسائل التي تشير إليها المادة السادسة من الميثاق وهي التي تنص على حل الخلافات حلا سلمياً وإن حق الفيتو قد منع مجلس الأمن من القيم بوظيفته الحقيقة). .
ومن العجيب أن تكون الولايات المتحدة هي التي اقترحت نص الفيتو، وهي نفسها التي تحمل عليه الآن حملة شعواء. . والتعليل لذلك التناقض قد وضعناه من قبل في يد القارئ: