للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

موضوعات السينما والأفلام الخرافية:

قال الأستاذ محمود بيرم التونسي في بيان الموضوعات التي لم تعالجها السينما المصرية بمجلة (الاستديو): (هي الموضوعات المصرية البحتة، لأن المشتغلين بالسينما عندنا يأتون بروايات أجنبية ويخلعون عنها القبعات ويضعون بدلا منها طرابيش ولاسات وعمائم، حتى لقد أفهمونا بالقوة أن حياتنا هي هذه الصالونات والحفلات وأننا نفتح بيوتنا للشبان باسم الخطوبات حتى أصبحنا كذلك فعلا، والجرم الأول يقع على عاتق السينما المصرية لأنها هي التي فرضت علينا هذه الحياة).

ولفتة الأستاذ إلى تأثير السينما بالإيحاء في حياتنا لفتة بارعة والحق أن أصل الداء في هذا الأفلام هو اختطافها من الأفلام الأجنبية على الوجه الذي صوره بيرم.

وقد كثر النعي على ذلك، وأفاض النقاد في التوجيه إلى ما يجب أن تعالجه السينما من الموضوعات التي عُدّ منها مواقف البطولة في تاريخنا المجيد، ولكن من توجه؟ فيظهر أن بعض الناس قد فهم أن هذه المواقف هي تلك الأساطير والقصص الخرافية التي تقوم على الأعمال الخارقة والبطولة التي لا يغلبها غالب، فظهرت أخيراً عدة أفلام من هذا النوع، وليت هذه الحوادث يقصد منها فكرة ترمي إلى هدف يبرر هذا التهريج.

وأصل هذه الأفلام هو أصل تلك الروايات التي أفسدت المجتمع، فإنه يحلو للغربيين أن يعرضوا صوراً وأحداثاً خرافية على أنها تمثل حياة الشرق، وقد أخذوها حقاً عن أصول عربية وضعت في أزمان غابرة، ولكنهم حرفوها عن مواضعها، فجاءت بعيدة عن حياة الشرق حتى في تلك الأزمان.

ثم جاء أصحابنا الذين توجههم فلا يأتون بخير، فحوروا أو ألفوا على ذلك الغرار. . . وإنا لنخشى أن يفسدوا الأذواق بهذا العمل كما أفسدوا المجتمع بتلك الروايات.

وأصل الداء كله يرجع إلى العجز عن معالجة موضوعات حياتنا، واستسهال الأخذ والتحوير؛ والمنتجون يستريحون إلى ذلك ليسره ورخصه وإثارته عواطف السذج والبسطاء. فالسينما المصرية في حاجة إلى أقلام جديدة أكثر من حاجتها إلى وجوه جديدة.

(العباس)

<<  <  ج:
ص:  >  >>