في المدارس الابتدائية والثانوية، ولو صرفنا النظر عن المناهج والتفصيلات التي قد يجد فيها متفحص ما لا يروقه، فإن الذي لا شك فيه أن المؤتمر نجح في بناء الهيكل العام، وهذا كسب ليس بالقليل وخاصة إذا لاحظنا أنه الباكورة الثقافية للجامعة العربية، وقد تم نجاح آخر لا يقل قيمة عن هذا النجاح إن لم يزد عنه، وهو التقاء هذه الجمهرة العظيمة من رجال الفكر في الأقطار العربية، وما شعروا به، بعضهم نحو بعض، من المودة والأخوة، وما لمسوه من التجاوب الفكري بينهم، وقد وقفت، من أحاديث العائدين، على ما ساد اجتماعات اللجان من روح طيبة في حسن التفاهم والتوافق على الأغراض، وعلى ما استقبل به اللبنانيون إخوانهم العرب الوافدين عليهم من الحفاوة والترحيب.
ملاحظات على المؤتمر:
على أن كل ذلك لا يمنع من تسجيل الملاحظات الآتية:
١ - قام برنامج المؤتمر على أن له غرضين: تحقيق القدر المشترك، والنظر في الوسائل المؤدية إلى تحسين طرق تدريس اللغة العربية. أما الغرض الأول فقد عرفت جهد المؤتمر فيه، وأما الغرض الثاني فقد أهمل إهمالا، وكأني بالمؤتمر قد ضاق به فرأى في تثاقل أنه لابد من إنشاء معاهد علمية موحدة النظام في الأقطار العربية لتخريج معلمين للغة العربية، وأوصى بعقد مؤتمرات دورية لمعلمي اللغة العربية، وليس هذا ولا ذاك بجهد ناجز في (تحسين طرق تدريس اللغة العربية) الذي جعله المؤتمر أحد غرضيه.
٢ - كانت الحفلات التي أقيمت للحفاوة بأعضاء المؤتمر عامرة بنشاط أدباء لبنان الذين أفاضوا وأمتعوا بالشعر والنثر والزجل، وكان من الطبيعي ان يجاوبهم أدباء مصر، ولكن الذي حدث أنه لم يعن بتقديم هؤلاء، واكتفى بنشاط بعض الكبار من وفد مصر، ولم يخرج عن هذا النطاق إلا الجارم بك.
٣ - لم تهيأ لممثلي الصحف الأسباب التي تكفل لهم سرعة الاتصال بصحفهم، فلم يكن أمامهم إلا البريد الذي يبلغ القاهرة في بضعة أيام. ومن الطريف أن الأنباء التي نشرت عن المؤتمر في خلال انعقاده لم تكن عن طريق المراسلين، وإنما أخذت أنباء حفلة الافتتاح عن الإذاعة اللبنانية، أما ما نشر من أخبار المؤتمر بعد ذلك فكانت تتلقاه بالتليفون إدارة الصحافة بالجامعة العربية بالقاهرة، وتدفعه إلى الصحف فتنشره.