ولا نعتقد أن الأستاذ الزهاوي كان يمحص ما يسمعه عن الأثير وأقوال العلماء فيه، وفي أمثاله من الفروض العلمية.
ومن أمثلة ذلك أنه يقول في رسالة نشرت له حديثاً في مجلة الكاتب المصري أن (اينشتاين يحسب أن الفضاء خاصة من خواص الجسم ثم يدعى أنه عدم محض، والمشاهد أن الفضاء يقاس بالمتر والأقدام ويطول ويقصر بين سديم وآخر وشمس أخرى، والشمس وسياراتها على التفاوت فكيف يقاس العدم؟).
ولا ندري أين قال اينشتين أن الفضاء عدم. وإنما المعروف أن مذهب النسبية يعلل انحناء الضوء بالقرب من الأجرام السماوية بانحناء الفضاء نفسه، فكيف يقول بعدم الفضاء من يقول بانحنائه، ثم يقول بأنه جوهر لعله أصل الجواهر جمعاء.
وقد أشار الزهاوي قبل ذلك إلى مذهب اينشتين في هذا فقال أنه:(فتح باباً جديداً في الفلسفة جعل العلماء يفكرون فيها تعليلا لغوامض الكون على أن أكثر قضاياها لا يرضى لمنطق وأن أرضى الرياضيات على زعمه. أما كون النور في قرب الأجرام يسير في خط منحن عليها فصحيح، ولكني لا أرى أن السبب هو انحناء طريقه في الفضاء. . .).
وقد كان خليقاً بما رواه عن اينشتين أن يصحح فهمه لمذهبه في الفضاء وفي الأبعاد على العموم، ولكنا نحسبه طالع بعض كلامه على نسبية الأبعاد ونسبية السرعة فيها فخطر له أن القياس النسبي ينفي الوجود الحقيقي، وجعله كله مسألة تقدير واختلاف. . . وإنما كان اينشتين يفرق بين تقدير الفضاء في الهندسة الاقليدسية وتقدير الفضاء في رأى ديكارت وتقدير الفضاء إذا أخذ فيه بمذهب البعد الرابع، وهو مذهب اينشتين نفسه في المكان والزمان.
وعلى هذا القياس ربما طالع الأستاذ الزهاوي بعض ما كتب عن الأثير وامتلاء الأكوان به فقال إنه هو الوجود الثابت في جميع هذه الأكوان، وأن ماعداه من الوجود فرض من فروض الأديان.
وقد تخلى عنه الأثير آخر الأمر فإذا هو الفرض الذي ابتدعه الخيال، وإذا به في رأى العلماء هو والفضاء سواء.
وغاية ما يقال إذن في هذا الإله الذي خلقته فروض الخيال أنه أسطورة من أساطير