يبالي عادة بكل ما يقابله من عقبات ومتاعب وآلام، بل يرحب بأن يضحي بحياته، ويقدم على الموت في سبيله تحقيق ذلك الخير الذي سيعم الجميع لأن أداء مثل هذه الأعمال الخيرة تعطي للحياة قيمة عليا، يتلاشى فيها كل الحقائق المتناقضة، أو تحرر بها الروح تحريراً كاملا من كل ما يتصل بالحياة، ولا تدرك إلا حقيقة خالدة، هي حقيقة وحدة الكون الشامل الذي يتجلى الله في جميع أجزائه.
وأخيراً نلخص كل ما سبق في أن طاغور لم يجد صعوبة في التوفيق بين طلب العلم وأداء العمل وبين ما فهمه من تعاليم الهندوس. فرأى أن العلم من أروع الوسائل التي تقربنا من الطبيعة أو تساعدنا على الاندماج في الكون والاتحاد بالوجود، لأن القوانين التي يتوصل إليها العلم هي في الأصل صور صغرى للحقيقة الكبرى، وتبين أن هناك صلة عقلية وثيقة بين الإنسان والطبيعة، وأنها في اتحاد تام مع الأشياء. فالتزود بها، والبحث عنها، والاستمرار في المزيد من الكشف عنها أمر ضروري لكل فرد يريد أن يبرز الحقيقة الكبرى الكامنة في نفسه، ويدرك وحدة الوجود الشاملة. أما عن العمل فهو من أهم الوسائل التي تحرر قوى الروح، ويعبر عن طبيعتها، ويظهر أفكارها ومشاعرها وإحساساتها، فتتحقق حريتها الكاملة في الحياة، وتفوز بالعيش في اللانهاية.