للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المقطع الأخير من (يرتمي) كأنه صدى ثقل من الأثقال ارتطم بألواح السفينة ثم إن هدير الأمواج وهي غائرة تحمله إلى السمع هذه الغين وهذه الياء الممدودة بعدها في كلمة (يغير) فهما صوت البحر الغائر الخائر مثلا بمثل ونغمة الأمل والدعاء تتصاعد من اللام الثانية في كلمة (بالله) ومن حرف المد في كلمة (مستجير).

وقد أمعن الأستاذ في ذلك حتى خلته يريد أن يجمع خصائص حروف الهجاء في متحف. . . وقد ذكرني هذا الصنيع بنادرة يحكونها عن حافظ، إذ قال مرة لأحد علماء الدين: بلغني أن هناك مؤلفاً في (الوضوء) يقع في عدد من المجلدات الضخمة وإنه ليسهل على المرء أن يغطس في الماء سبع مرات ثم يقوم إلى الصلاة، ولا يتعب نفسه بقراءة هذا الكتاب! وعلى هذا تستطيع أن تؤكد للأستاذ عادل أنك مقتنع بأن البيت يدل على كل شيء دون حاجة إلى ما أسهب فيه من بيان أصوات الحروف ونغمات المدود. . .

وقد أحسن الأستاذ بالاستعانة بريشة الرسام إلى جانب قلمه في تجلية بعض الصور التي اشتمل عليها ديوانا شوقي وحافظ، ولكن الصورة التي رسمت بازاء بيت حافظ:

واسقنا يا غلام حتى ترانا ... لا نطيق الكلام إلا بهمس

لم تكن موفقة، فهي تمثل الشُّرَّاب والساقي في أزياء من العصور القديمة، وبأيديهم آنية قديمة، كأن قائل البيت أبو نواس لا حافظ إبراهيم، على أن أشخاص الصورة يبدون في غاية الوقار كأنهم في حلقة درس لا في مجلس شراب. . . .

الآراء القديمة في شوقي وحافظ:

الأستاذ عباس محمود العقاد والدكتور طه حسين بك والأستاذ إسماعيل مظهر والأستاذ محمد توحيد السلحدار بك، كان لكل منهم رأي قديم في شعر شوقي وحافظ، فهل ظلوا على آرائهم أم جلا لهم الزمن آفاقاً جديدة ينفذ فكرهم منها إلى رأي جديد؟ سألتهم مجلة (الكتاب) هذا السؤال فأجابوا:

قال الدكتور طه إنه لم يغير رأيه فيهما، ومما قاله عنهما: (وإذا لم يبلغا من التفوق ما كنت أحب لهما وأتمنى للشعر العربي الحديث فقد لا ينبغي أن نلومهما في ذلك وأن نذكر قول عمرو ابن معدي كرب:

فلو أن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجرَّتِ

<<  <  ج:
ص:  >  >>