للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سمح، لأول مرة، لعالم عربي هو الأستاذ فخري بزيارة (مأرب) (مدينة سبأ) وطن الملكة (بلقيس) وتصوير آثارها والكتابة عنها.

وللعرب اليوم أن يطمئنوا على تراثهم القومي في الوطن الكبير، وقد أصبحت أمانة الآثار، والحمد لله، معظمها في أيدي العارفين بها من أبناء العروبة، يرون فيها العزة القومية ويضنون على تراث الأجداد، وكنوزهم أن تذهب هباء، أو تتسرب التحف النادرة إلى متاحف الأمم الأخرى. . . يتلقفونها تلقف القناصة من زواحف الأجانب وتجار المسروقات، ممن حذقوا في التلصص وأجادوا صناعة التهريب، فتذهب في غفلة من العرب في عصور الاضمحلال السياسي - وهو اصل البلايا - والجهل بقيم الأشياء.

ولما كانت دراسة التاريخ تعتمد اعتماداً كبيراً على دراسة الآثار، فان الرواية تظل حائرة قلقة غير مستقرة، تنهال عليها المطاعن، وحتى يقرها ويؤيدها السند الأثري، فقد اقر المؤتمر نشر الثقافة الأثرية بين أبناء الوطن العربي، وإقامة المتاحف، وتبادل الأساتذة وإلقاء المحاضرات، وعرض الصور، مما يساعد العرب على استيعاب هذه العلوم القديمة الحديثة فلا يمرون بها مرور العابر الكريم. ولاشك بان نشر الثقافة الأثرية على هذا الوجه يتيح فرصاً عظيمة لتوثيق روابط الألفة بين أبناء العروبة في مختلف الأقطار، وسرعان ما يصبح الوطن العربي الكبير حقيقة ماثلة في قلب كل عربي.

والآثار فضلاً عن كونها كنوزاً مادية. وتراث قومي يعيد ذكرى أيام المجد وعظمة الماضي فهي خير حافز لهمة الجيل الجديد، تنفخ فيه من روح السمو والعزة الوطنية ما يجعله يعمل جاهداً لاسترداد مجد الأيام السالفة وعظمة الأجداد.

وقد أسهمت مصر بكثير من أبنائها في هذا المؤتمر فكان هناك مندوبون عن الجامعتين وبعض الهيئات. إلا أننا لم نر من يتكلم باسم إدارة حفظ الآثار العربية وهي التي تقوم بالحفظ والترميم والعناية بالآثار الإسلامية، ليس في مصر فحسب بل في بعض الأمم العربية الأخرى وهو عمل خطير الشأن يتركز على العلم والدراية، وكذلك معهد الآثار بالجيزة فلم يشترك أحد من طلبته في نشاط المؤتمر.

أما شمال أفريقيا فلها العذر وكفاها ما بها وأعانها الله على ما رزئت به من بلية الاستعمار، الذي جمع عليها القحط والبغي والاضطهاد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>