طالما تنافس الشعراء والكتاب قديماً وحديثاً في وصف لبنان وتصوير جماله، فلا ترى شاعراً زاره أو مر به إلا ألهمه من الشعر أطيبه ومن النثر أطربه. فالمتنبي شاعر العظمة الذاتية والطموح يمر بلبنان فلم يثنه طموحه ولم تنسه مطامعه أن يصف وعورة مسالك لبنان وصعوبة قطع عقابه:
وعقاب لبنان، وكيف بقطعها ... وهو الشتاء وصيفهن شتاء؟!
ويزوره شوقي لأول مرة فيروعه فيهتف:
لبنان والخلد اختراع الله لم ... يوسم بأزين منهما ملكوته!
ولحافظ ومطران والرصافي والزهاوي وغيرهم من كبار شعراء العربية في لبنان ما يسكر ويرقص. . . ومن أروع الشعر ما خاطب به الشاعر العبقري الياس أبو شبكة لبنان:
لبنان! يا ريف السماء وثغرها! ... في كل شبر من ترابك ملهم!
ما أنت بالبلد اليتيم وإنما ... في كل عين لا تراك تيتم!
أما شعراء المهجر وعلى رأسهم جبران ونعيمه والقروي والريحاني وأبو ماضي وفرحات والمعلوف وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم الآن، فقد جعلوا من لبنان وطناً روحياً يحجون إليه بأرواحهم ويلهجون به في يقظتهم ومنامهم، فأبدعوا لنا من تغنيهم بلبنان والحنين إلى لبنان أدباً جديداً وروحاً جديدة لم نعهدها في الأدب العربي من قبل، فرفعوا بذلك رأس الضاد عالياً، ولفتوا أنظار الغرب إلى هذا الشرق الحالم المتأمل الذي تتلمذوا عليه فيما سلف من الزمان وقبسوا من أنواره، والذي سوف يعودون إلى أحضانه حيثما ترهقهم هذه الحياة المادية التي يرزحون اليوم تحت أعبائها الثقيلة. . .!
فبلد تحج إليه قلوب الناس من جميع أقطار المسكونة، وتحلق فوقه أرواح الشعراء والملهمين من جميع الأمم والأجناس، بلد ينجب الأبطال والباباوات والقياصرة العظام، وينشئ الفلاسفة الأفذاذ والشعراء والكتاب والفنانين والقديسين. . .
بلد من أبنائه ميخائيل نعيمه وجبران والريحاني ومي لاشك في أنه بلد جدير بكل عربي القلب واللسان أن يحبه ويكبره ويتعلق به، لأنه من البلاد العربية كالقطب من الدائرة،