للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يلقي درساً بالعربية، ولو كان يدرس البلاغة أو آداب اللغة العربية، وليست هذه الحال مقصورة على معهد من معاهد التعليم دون معهد، وإنما تجدها في الجامعة المصرية، كما تجدها في الأزهر الشريف، كما تجدها في المدارس على مختلف أنواعها، ونوادر المدرسين في هذا الضعف يخطئها العد وينوء بها الحصر.

دخل أحد المفتشين على أستاذ يدرس آداب اللغة العربية في فرقة عالية فوجده يدرس لهم الخط العربي، ويقول عن بعض أنواعه (وقطته أربع وعشرون شعرة من شعرات البرذون) فسأله المفتش ما معنى هذا، فأعاد الدرس من أوله، ومر سريعاً على هذه الكلمة، فسئل مرة أخرى فصنع صنيعه الأول، ولم يزد، فقال له المفتش في أي كتاب راجعت مادتك؟ فسكت ولم يحر جواباً، فقال له: فإذا أردت أنا أن أراجعها ففي أي كتاب؟ فسكت أيضاً.؟

وحدثني كبير في الأزهر قال أن بعض المفتشين في وزارة المعارف دخل على معلمة تدرس اللغة العربية فسمعها تقرأ قول الله تعالى (إنا أعطيناك الكوثر) فتضم الكاف، وتميت الواو.

وقد سئل أحد المدرسين في الأقسام الثانوية بالأزهر عن إعراب هذه الكلمة: لي مسألة لدى علي، فلما وصل إلى حرف لدى قال إنه فعل ماض، وأصر على ذلك.

ولعل أغرب ما سمعنا في هذا الباب أن مدرساً في كلية عالية قال إن قول الله تعالى (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) نزل على أبي بكر رضي الله عنه، فراجعه الله فتريث قليلاً، وترك جدالهم، فلما جاء في اليوم التالي قال لهم اسمعوا. إن الرجوع إلى الحق فضيلة، وإني أطلت الليلة النظر، وراجعت كثيراً من الكتب، وبعد البحث والتنقيب ظهر لي أن هذه الآية نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم!!!

صدقني - أيها القارئ - واعلم أني - والله الذي لا إله غيره - أجد ولا أتندر، وأن كثيرين ممن كانوا في هذه الفرقة لا يزالون في أول عهدهم بالحياة، وأن الأستاذ المدرس لا يزال منتفخ الأوداج، عالي الهامة، يغدو ويروح على كليته، ويأخذ الكثير من المال على جهله وغباوته!!

وقل لي بربك، كيف يخرج الأستاذ نابغة في البلاغة وهو لا يكاد يبين؟ وكيف يصنع تلميذاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>