للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يفخر به وهو يجهل البديهيات الأولية في العلم؟ ومتى استطاع مدرس أن يقرر أن قصص القرآن من الأساطير، أن يخرج تلميذاً له في العلم نصيب. .؟

هذا عن جهل المدرس، فإذا أخذنا ندون ما نعرف من إهمال بعض المدرسين وتهاونهم طال بنا القول، واستفاض الحديث، على أننا سنجتزئ بقليل من كثير مما نعرف، ومع ذلك فلسنا نسلم من الألسنة

هذا مدرس لا عمل له طوال العام الدراسي ألا أن يتحدث عن نفسه، فلا يلقى فرقة من الفرق ألا أسرف معها في التمدح بأخلاقه، والفخر بآثاره وأعماله، والحديث عن آبائه وأجداده حتى إذا بقي من الزمن خمس دقائق قال اسمعوا سنقول في العلم، ويمضي يتحدث عن العلم ولكنه لا يفتح باب العلم إلا ليدخل منه إلى الحديث نفسه. .

وهذا آخر تثقل عليه الدراسة، حتى أن كل يوم منها عنده مثل (سبت الكتاب) فهو يحاول جاهداً أن يميل بالطلاب عن طريق الجد، فلا يسمع نبأة إلا حدث بها، وتحدث عنها، وأطال الحديث، وهو يوحي بذلك إلى الطلاب أن دعوا العلم والعلماء فإن الوطن يناديكم، ومطالب الحياة تستصرخكم، وما فائدة الدرس إذا لم ينتفع منه الدارس؟ فإن لم يقل ذلك تصريحاً قاله تلميحاً، ولا عجب بعد ذلك إذا رأينا بعض الأساتذة يفرحون ويطربون حين يرون الطلاب منصرفين عن دروسهم، ويغتنمون أشد الغنم إذا رأوهم مقبلين على هذه الدروس.

وهكذا نجد ضروباً وأصنافاً وكلها تتلاقى عند نقطة واحدة، تتلاقى عند الإهمال الذي لا يليق بمن يأخذ على نفسه تبعة تربية النشء، ولسنا هنا نتحدث عما تبذره مثل هذه الأعمال في نفوس الناشئين من الأخلاق الذميمة، وإن كان ذلك عظيماً، ولكنا بصدد الحديث عن ضعف المتعلمين الذي كان من أكبر أسبابه ضعف بعض المعلمين، وإهمالهم وتهاونهم.

ولكن العجب كل العجب من الرؤساء الذين يعرفون كل ذلك، وما هو أدهى وأمر من ذلك، ولكنهم حين يملكون الغنيمة لا يوزعونها بالقسطاس المستقيم، ولا يقصدون بها الجادين العاملين، وإنما يقصدون المقربين منهم والملتفين حولهم، وجمهرة هؤلاء من الصف الأخير الذين يريدون أن يكونوا في الصف الأول بتقربهم من الرؤساء، والسير في ركابهم، ولذلك يكسل المجد، ويتهاون العامل، ويسكن المتحرك، وتخور عزيمة السباق، ولقد قر في

<<  <  ج:
ص:  >  >>