ورن الجرس، فخف المدير إلى حجرة رئيسه، ثم عاد يشير إلى صاحبته لتدخل، ومشت إلى الباب في خفة كأنما تريد أن تجري، ورائحة عطرها تملأ الخياشيم. . . ونظرت إلى تلك الزهرة التي لا يفوح منها عطر، فإذا حمرة تورّد هذا العاج المصفار في وجهتها هي حمرة الغضب، وإذا بجفونها المقروحة تتندى، وإذا بها تمسك دموعها في جهد!
وتمشي إلى مكتب المدير في أناة وخشوع، وتقول له في صوت مختنق متهدج. . . إنها تعتذر إذ لا تستطيع البقاء، فما يزيد على أن يقول لها في سماجة:(على كيفك يا ستي. . . الناس لسه منتظرين كلهم أهم. . . وأنا أعمل إيه؟)
وانصرفت المسكينة فما بلغت الباب حتى انهمرت دموعها، فمسحت عينيها بمنديلها، وما في الحجرة ممن ينتظرون الإذن إلا من تحرك قلبه شفقة عليها ورثاء لها!
ولا أريد أن أذكر للقارئ متى جاء دوري أنا (المؤلف الفاضل)، أحد حملة القلم المتواضعين الذي ما جئت أرجو في شئ، والذي يعرفني منذ سنوات هذا الكبير الذي لا تخلو من أمثاله وأمثال مديره أكثر الدواوين!