الله في أرواحها ونفوسها ... إن كانت التقوى لديك تُرام
أوقدتها حرباً يشب ضرامها ... فمتى يغيث الناس منك سلام
شر الضيوف ولا أخالك غيره ... ضيف له نفس المضيف طعام
ثم يصف الشاعر موقفه في هذه الغمرة فيقول:
أتظن أن الخوف يملك منطقي؟ ... نظم القريض إذن علي حرام!
أم أنت تطمع أن يدين لحادث ... قلم تدين لربه الأقلام؟
أسطو عليك به وأعلم أنه ... قدر تطيش لهوله الأحلام
كف الوعيد فإن أنفاس الفتى ... معدودة وكذلك الأيام
ولكل نفس مدة محدودة ... ولكل شئ غاية وتمام
ثم يقول:
يا ضيفنا المكروه يومك بيننا ... شهر وشهرك إن تقاصر عام
أنى حللت من المدائن والقرى ... حل البلاء وزادت الآلام
يا ضيفنا لو لم تكن قذراً لما ... ضربت على الأقذار منك خيام
إن اغتيالك ذا الخصاصة بيننا ... عيب يجانبه الكريم وذام
أم الغني تخاف ويحك أم ترى ... أن الغني من حقه الإعظام
وأخيراً يختم قصيدته بهذا البيت:
سر أو أقم إن المنون روائح ... وبواكر ومن المحال دوام
والقصيدة طويلة، وقد اقتصرت منها على هذه النماذج ولو كان في المقام سعة لأوردت كثيراً من النماذج من قصائد الشعراء في التنديد بذلك الوباء ووصف نكبة الشعب في تلك الأيام
وفي هذه الآونة يهجم وباء الكوليرا على مصر، ويفعل أفاعيله بأرواحهم، وفي نفوسهم، وتتحرك الدنيا كلها لهول الخطب، ولكن أحداً من شعرائنا لم يتحرك أبداً، ولم يثر هذا في نفسه عاطفة الشعر كما تثيره حادثة غرام، أو ليلة وصل، أو هجر غانية تبيع قلبها وجسمها في كل سوق، أو صورة مبتذلة في مجلة ماجنة. . .
ألا رحمة الله، ثم رحمة الله، على شعرائنا الذين كان الشعب يجد نفسه في عواطفهم وفي