والأكثر من ذلك استدعاء للأسف، هو تثبيط همم الأدباء الذين يرجى أن يقبلوا على الإنتاج للإذاعة، وحسبهم ما يلاقون من إدارة الإذاعة نفسها من سوء التقدير الأدبي والمادي، فالأديب الذي يضع عصارة نفسه وفكره فيما يقدم للإذاعة يعد لديها شخصاً ثانوياً بالنسبة للمخرج الذي قد لا يزيد عمله على الترتيب الشكلي، وإن زاد فلا يتعدى بعض التبديل والتغيير، فيهتف المذيع باسم المخرج في البلاء قائلاً:(فلان يقدم. . .) ثم يجبر خاطر المؤلف المسكين فيذكر بعد ذلك اسمه في صوت خافت
ولا أنكر أن كثيراً من المؤلفين للإذاعة جديرون بهذا الوضع. . وخاصة مؤلفي الأغاني التي يشكو الجميع من ضعفها وسخفها، ولكن يجب تهيئة الجو الصالح لكرام الأدباء، لأن الاستمرار على مثل هذه المعاملة يزيد في إعراضهم عن الإذاعة
أما التقدير المادي فحسبك أن تعلم من سوئه أن مؤلف التمثيلية أو البرنامج الخاص لا يزيد أجره على ثمانية جنيهات، وتصور كم قضى الأديب، وكم بذل من جهد، وكم استوحى مصادر فنه، في هذا النتاج؟ وقد يكون هذا مقبولاً وقد يطلب من الأدباء ألا ينظروا إلى الكسب المادي لولا أن محطة الإذاعة تغدق المال من جانب آخر على الموسيقيين والمطربين والمطربات فقد حسب ما يكسبه أحد الموسيقيين من الإذاعة فبلغ نحو أربعمائة جنيه في الشهر، وكيف يصح أن تقول أم كلثوم لمحطة الإذاعة:(أذنت لك في إذاعة ما لديك من مسجلاتي) فتنال على هذه الجملة آلافاً من الجنيهات. . ويبذل أديب نابغ كطاهر أبو فاشا ما يبذل في نتاج قيم، وتحقي قدماء بين محطة الإذاعة وبين وزارة الصحة، ليحصل على ثمانية جنيهات. .!
ليست آلاف الجنيهات كثيرة على أم كلثوم التي تهدي الطرب إلى القلوب. . . ولكنها جاءت في طريق المقابلة الذي دفعنا إليه سوء تقدير الأدباء بمحطة الإذاعة، الذي يحيق ضرره بها، من حيث قيمة ما تقدمه، أكثر مما يحيق بالأدباء، لأنهم يستطيعون أن يعتصموا بالرغبة عن الإذاعة للوقاية من تحيفها لهم.
مخطوطات أندلسية:
تلقت الإدارة الثقافية بالجامعة العربية من وزير أسبانيا المفوض في مصر ستة كتب من