للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نص عليه الطبري فيما نقلنا منه من حديث في مقالنا السابق. وهذا هو الذي يدل عليه ما ذكره القران من قبلهم (وإذا قيل لهم ماذا انزل ربكم قالوا أساطير الأولين).

ذلك لأنهم كانوا يستبعدون أن يصدر مثل هذا القصص الأسطوري عن الله. ومن هنا وقفوا موقفهم من النبي وقالوا عنه وعن القران ما قالوا.

والآن نستطيع أن نلتفت قليلا إلى الوراء.

لقد رصدنا في مقالنا السابق ما نجنيه من الفوائد وقلنا إن أهمها تخليص القران من مطاعن الملاحدة والمستشرقين. والآن نعود إلى رصد شئ آخر هو اعز علينا واثر عندنا من كل ماعداه ذلك لأنه سر قوى من أسرار الإعجاز القرآن الكريم.

لقد كان هذا الصنيع الأدبي من القرآن - وهو بناءه بعض قصصه الدينية على أساس من الأساطير القديمة - تجديدا في الحياة الأدبية عند العرب المكيين. وكان تجديدا لم يعرفه القوم من قبل لبعدهم عن الكتب السماوية ومن هنا أنكروه وقالوا ما قالوا عن النبي وعن القرآن الكريم.

ولقد كان هذا الصنيع الأدبي مما ألفه القوم من المدنيين خاصة أهل الكتاب ذلك الصنيع الذي جرت علية التوراة وجاء به الإنجيل ومن هنا لم ينكروه ولم يقولوا فيه مثل ما قال الأولون من المكيين. ولا يزال هذا الصنيع حتى اليوم من عمل الأدباء المجيدين ولا بدع في ان يكون صنيع القرآن وهو في أعلى ما عرفت العربية من طبقات البلاغة وأدب القائلين.

وهذا ما نحسب انه السر الذي أشرنا إليه في أول هذا المقال من وجود هذه العقيدة بمكة واختفائها بانتقال النبي إلى المدينة لمعرفة الآخرين لذلك الصنيع.

تلك هي نظرة القرآن في موقفه من حديث القوم عن الأساطير ألممت بها وشرحتها كما فهمتها وأرجو أن أكون في هذا الفهم من الموفقين.

والآن أفلا يزال الأحمدان الفاضلان عند رأيهما من أنا نستحق أن نتهم بالكفر ونرمى بالزندقة ونوصم بالإلحاد.

اللهم إنك لتعلم أنا نحرص على فقه كتابك المعجز ووحيك العربي المبين.

واللهم إنك لتعلم أنا قلنا ما قلنا طلباً للفهم الدقيق لآياتك وحباً في الوقوف على سر من

<<  <  ج:
ص:  >  >>