٢ - اكتفى القرآن بتهديد القوم في آيات سور الأنعام والقلم والمطففين. وهو تهديد يقوم على إنكارهم ليوم البعث أو على صدهم الناس من اتباع النبي وليس منه التهديد على قولهم بان الأساطير قد وردت في القرآن الكريم.
٣ - ومرة واحدة رد القرآن عليهم قولهم وهي المرة التي ترد في سورة الفرقان وهذه هي الآيات. قال تعالى (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم سر السموات والأرض انه كان غفوراً رحيماً).
وهو رد لا ينفي كما نرى ورود الأساطير في القرآن وإنما ينفي أنها من عند محمد يكتبها وتملى عليه، ويثبت أنها من عند الله. قل أنزله الذي يعلم السر. . . . الخ.
ويحسن بنا أن نثبت هنا نصاً للرازي في هذه المسالة فقد قال رحمه الله في ج٦ ص ٣٥٤ ما يأتي (البحث الأول في بيان أن هذا كيف يصلح أن يكون جواباً عن تلك الشبهة وتقريره ما قدمنا من انه عليه السلام تحداهم بالمعارضة وظهر عجزهم عنها ولو كان عليه السلام أتى بالقرآن بان استعان بأحد لكان من الواجب عليهم أيضاً أن يستعينوا بأحد فيأتوا بمثل هذا القرآن فلما عجزوا عنه ثبت انه وحي الله وكلامه فلهذا قال (قل أنزله الذي يعلم السر. . . . . .) انتهى.
والذي يحسن بنا ان نلتفت إليه هنا إن الرازي يسال عن كيفية أن يكون قوله تعالى: قل أنزله الذي يعلم السر. . . . . . . الخ إجابة عن قولهم وقالوا أساطير الأولين. . . الخ. ذلك لان الرد الذي كان يتوقعه الرازي إنما يكون بنفي الأسطورية عن القرآن ومن هنا حاول ما حاول ليجعل القرآن ملاقية للشبهة.
واعتقد إن الرازي لم يفطن إلى الصواب فإجابة القرآن هي الإجابة الطبيعية وهي الإجابة التي لا محيد عنها في هذا الميدان ذلك لان مدار الحوار بين القران والمشركين لم يكن عن ورود الأساطير في القرآن وإنما كان على اتخاذهم ورود الأساطير دليلا على إن القرآن من عند محمد لم يجئه به الوحي ولم ينزل علية من السماء. ومن هنا كانت الإجابة في محلها وكانت إثبات أن القرآن من عند الله (قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض). ولم تكن الإجابة نفي ورود القصص الأسطوري في القرآن. وهذا هو الذي