للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الظلام ففرق بين العنصرين الوطنين، وأعاد النعرة الطائفية جذعة، ثم اتفق مع أولياء الأمر على محاربة المخلصين من أشياع الحزب الوطني وما لبث المصريون أن عرفوا نيته الخبيثة، فقام حافظ يندد بهذه الملاينة الماكرة، وصاح في ذكرى مصطفى كامل يقول:

وللسياسة فينا كل آونة ... لون جديد ورأي ليس يحترم

بينا ترى جمرها تخشى ملامسه ... إذا به عند لمس المصطلى فحم

تصغي لأصواتنا طوراً لتخدعنا ... وتارة يزدهيها الكبر والصمم

فمن ملاينة أستارها خدع ... إلى مصالبة أستارها وهم

إذا سكتنا تناجوا تلك عادتهم ... وإن نطقنا تنادوا: فتنة عمم

ماذا يريدون لا قرت عيونهم ... إن الكنانة لا يطوى لها علم

قالوا لقد ظلموا بالحق أنفسهم ... والله يعلم أن الظالمين هم

وأنت ترى شاعر النيل في أبياته المتقدمة غير قاس في هجومه وله العذر في ذلك، فقد كان قانون المطبوعات قد بعث من مرقده إبان ذلك، فقيد حرية الرأي والكتابة، وعملت وزارة بطرس غالي باشا - بإيعاز من غورست - على محاربة الكرام الكاتبين والشعراء النابهين من أبناء الوطن المخلصين، ولم تفلح الضجة الكبيرة التي قام بها الشعب في وجه هذا المشروع الخطير، فأضطر حافظ إلى الملاينة قليلاً بعد أن أصبح القانون ضربة لازب، وبعد أن حاربه في جد وصرامة فقال.

كانت تواسينا على آلامنا ... صحف إذا نزل البلاء وأطبقا

فإذا دعوت الدمع فاستعصى بكت ... عنا أسى حتى تفض وتشرقا

كانت لنا يوم الشدائد أسهماً ... نرمي بها وسوابقاً عند اللقا

مالي أنوح على الصحافة جازعاً ... ماذا ألم بها وماذا أحدقا

قصوا حواشيها وظنوا أنهم ... أمنوا صواعقها فكانت أحذقا

كانت صماماً للنفوس إذا غلت ... فيها الهموم وأوشكت أن تزهقا

كم نفست عن صدر حر واجد ... لولا الصمام من الأسى لتمزقا

وفي النهاية قد لجأ حافظ إلى الصراحة التامة في موقفه بعد أن عيل صبره، فحذر المصريين من بسمات خورست وندد بوعوده الكاذبة، وأرتاب في ملاينة هذا الثعلب الماكر

<<  <  ج:
ص:  >  >>