للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وليس بعالم ولا مستحق لأمانة العلم من لا يقدر ولا يميز، ولا يفرق بين ما يقرره باسمه، وما يطلب من المشرفين على التعليم في الأمة أن يقرروه.

وقلما يعنيني هنا أمة رسالة بعينها أو بحث بعينه، وإنما يعنيني توضيح الحد الفاصل في مسألة الحرية، ومسألة التبعة الفكرية، وهو حد منسىُّ على ما نرى في حسبان بعض المبتدئين، بل بعض الأدباء المعدودين.

ولو لم يكن هذا الحد محتاجاً إلى التذكير في مرحلتنا هذه من الحياة الفكرية لما رأينا رجلا كصديقنا الأستاذ توفيق الحكيم ينساه وهو ينتقد الجامعة المصرية لأنها رافضة تبعةً تلقى عليها، وليس من حقها أن تقبلها باسم الدولة، وليس من مقتضى رفضها أن تحول بين طالب من الطلاب، أو مدرس من المدرسين، وبين إعلان ما يراه بغير واسطتها إذ شاء.

على أننا نهنئ صديقنا الحكيم ولا نقصر القول كله على الأسف لنسيانه أو تناسيه.

نهنئه لأن حرية الرأي كانت رخيصة عنده يوم كان ينعى على الديمقراطية ويشيد بمآثر الدكتاتورية. فإذا عاد يغليها بعد إرتخاص فإنه بالتهنئة من هذه الناحية لجدير.

أما (التقدميون) الذين حنقوا على الجامعة المصرية لالتزامها حدود حقها وواجبها، فحسبهم من التذكير أن نطلب منهم سطراً واحداً يكتب في روسيا اليوم نقداً لعقيدتهم في التفسير المادي للتاريخ، وهي بعد لم تتجاوز عندهم أن تكون رأي إنسان!. . . فكيف بما يعتقد المؤمنون به أن من عند الله، خالق كل إنسان، وخالق جميع الأكوان؟

عباس محمود العقاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>