فالشيخ رحمه الله لم يفسر الطير الأبابيل بالجراثيم، وإنما أفاد أن الحجارة التي حملتها الطير كانت ملوثة بالجراثيم، أما الطير فطير بالمعنى اللغوي غير أنها لا يعرف نوعها.
وبهذه المناسبة أذكر أن من جملة ما يشاع الآن من آراء عن الشيخ محمد عبدة رحمه الله أنه ينكر وجود الجن الذين جاء القرآن معلناً وجودهم، أو أنه يؤولهم بالجراثيم وغير ذلك، وكثير من الطاعنين يأخذون هذا من الألسنة ثم يناقشون به مع حملهم إياه على الشيخ رحمه الله على أنه رأي صريح له في تفسير سورة الناس كما ينسب إليه اليوم لغرض ما أنه يرى ويقول بأن قصص الأمم الغابرة التي حكاها القرآن إنما هي تمثيل فني مخترع للعظة ولا تدل على واقع تاريخي!!
وقد اشتملتني وبعض هؤلاء قديماً مناقشة حول الشيخ رحمه الله ولما قلت لهم إنه لا يفسر الطير الأبابيل بالجراثيم المرضية ولا ينكر وجود الجن عدوا هذا الزعم مني مخالفاً للحس الظاهر أو دفاعاً غير مشروع حتى أتيتهم بتفسير جزء عم الذي يستندون إليه فقرؤوا بأنفسهم تفسير الشيخ رحمه الله لسورتي الفيل والناس فهتوا وقد كانوا زعموا أنهم إنما يتكلمون عن اطلاع على كلامه، فلم يسعهم بعد ذلك إلا أن يقولوا أنهم لم يفهموا كلامه، وإنما وهموا من نظرة فيه سريعة غير منعمة.
على أنه لا ينبغي أن يتوهم من كلامي إنني أعد الأستاذ الكبير العقاد من هذه الفئة، فهو في نظري - كما هو في الواقع - ذلك المحقق المجلي الذي لا يشق له غبار ولا نزال ننتفع وستنتفع الأجيال من قلمه، ولكن لعله اعتمد في قضية الطير الأبابيل على رواية أحد نسب ذلك إلى الشيخ محمد عبدة أخذاً مما أشيع عنه واشتهر.
مصطفى أحمد الزرقا
الفرق بين سنة وعام:
جاء في مقال الأستاذ علي الطنطاوي (من شوارد الشواهد) المنشور في عدد الرسالة ٧٤٦ الصادر في ٢٠ أكتوبر سنة ١٩٤٧ - السنة الخامسة عشرة، صفحة ١١٤٤ ما أعيد نقله هنا بالحرف الواحد وهو (يخلط الناس في الاستعمال بين العام والسنة، وهما مترادفتان ولكن ليس في اللغة كلمتان بمعنى واحد - انظر في كتاب الصاحبي وكتاب الفروق اللغوية