للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فأملأ موازين الزمان فلن ترى ... في الناس ميزان الزمان يميل

تقضي العصور على الرجال بحكمها ... والباقيات الصالحات عدول

تيمور إن نفقد حديثك بيننا ... فصداه في أفق الزمان يجول

وقال بعد هذه القصيدة قطعاً مختلفة لعل آخرها عشرة أبيات مدح بها معالي إبراهيم عبد الهادي باشا، في أوائل هذا العام، منها قوله:

ماذا تزيدك في العلا أقوال ... من بعد ما شهدت لك الأعمال

عمر تضيق سنوه عن أعماله ... فكأنما أعوامه أجيال

ماض ملئ بالجهاد وحاضر ... حفل، وآت كله آمال

ومواهب جمعت لديك لو أنها ... في أمة لم يكفها استقلال

ومواقف أغنى خلود حديثها ... عن أن يقام لخلدها تمثال

وكان صديقاً لمعاليه. ولك أن تعجب من صداقة موظف باليومية لم يبلغ الدرجة السادسة إلا أخيراً لرئيس ديوان جلالة الملك! ولكن عجبك يتحول إلى الإكبار عندما تعلم أن فقيدنا كان، إلى عظم منزلته الأدبية، كبير النفس، فلم يكن ليصغرها بطلب شيء لذاته، وربما رجا لغيره. . . ومن هنا ظل شعره بعيداً عن أن يكون سبباً من أسباب الحاجات مع توفر هذه الحاجات!

ولم يكن الزين من المقلدين في الشعر والمزيفين للشعور، بل كان صادق الفن، يصدر عن ذات نفسه ويعبر عن خالص وجدانه، وكان مرهف الحس دقيق الشعور واضح المعاني، يؤدي كل ذلك في ديباجة مشرقة وألفاظ عذبة، لا تجد له لفظاً مستكرهاً ولا معنى ملتوياً.

وكان يعني بالتوقيع الموسيقي في شعره، يؤلف أجزاءه منسجمة متآخية، ثم يردده في تنغيم خاص يطرب له، ويستدعي به ما بقي من القصيدة. . .

وكان رحمه الله يريد أن يجمع شعره في ديوان، ولكن شغلته شواغل العيش ثم متاعب المرض ثم عاجلته المنية. . . وقد نشر أكثر شعره بالرسالة والأهرام والثقافة، وقد طبع في مستهل حياته الأدبية ديواناً سماه (قلائد الحكمة) أكثره أراجيز تدل على بدء معالجته للقريض كما يدل على ذلك تخميسه لقصيدة امرئ القيس (قفانبك) الذي أخرجه أيضاً في مطبوع صغير. وأطلق عليه لقب (الراوية لكثرة ما كان يحفظه ويرويه من أشعار العرب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>