وكان للزين جهد جليل الشأن في تحقيق الآثار الأدبية وتصحيحها وإخراجها - وكان يعمل في ذلك بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، وقد أخرج ستة أجزاء من (نهاية الأرب) وأخرج الجزء الأول من أشعار الهزليين وكان يعمل في الثاني، ومن مجهوده في هذا الميدان خارج دار الكتب اشتراكه مع الأستاذ أحمد أمين بك في إخراج كتاب (الإمتاع والمؤانسة) ومعه ومع الأستاذ إبراهيم الأبياري في إخراج أربعة أجزاء من كتاب (العقد الفريد). وقد أشترك الثلاثة أيضاً في إخراج (ديوان حافظ) بتكليف من وزارة المعارف وأخرج الأستاذ الزين (ديوان إسماعيل صبري) وقدمه بدراسة قيمة.
وقد تخرج الفقيد في الأزهر إذ حصل على شهادة العالمية سنة ١٩٢٥ وكان وهو طالب يتردد على الجامعة المصرية القديمة لسماع محاضراتها الأدبية. وفي سنة ١٩٢٦ عين مصححاً بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، وظل بها حتى نقل في هذا العام إلى المراقبة العامة للثقافة بوزارة المعارف. وقد توفى في العقد الخامس، وكانت وفاته يوم الأربعاء ٥ نوفمبر سنة ١٩٤٧.
المأساة:
كان الزين موظفاً باليومية في دار الكتب المصرية، ولا تحسب في أجره الضئل أيام الاثنين (العطلة الأسبوعية في دار الكتب) والإجازات والأعياد، وظل مرتبه اليومي يزداد قروشاً طيلة مدة خدمته، حتى وصل إلى ثلاثة وأربعين قرشاً يعطي منها ثمانية قروش لكاتبه الذي كان يلزم له في عمله بحكم حالته إذ كان مكفوف البصر. وجاء أخيراً (كادر العمال) فقفزت به أحكامه إلى الدرجة السادسة. . وقد عد من العمال لأنه يعمل باليومية مثلهم!
وعاش الشاعر الكبير صابراً على هذه الحال، متجملا بالتعفف، منطوياً على عزة نفسه، يروح ويغدو وفي وجهه ماء الكرامة والكبرياء. . وظل مع ذلك يصدح على أيكة الشعر ويخرج الأدب المصفى في هذا البلد الذي يحترق فيه كرام الأدباء وينال خطوة أوليائه الهتافون ومن إليهم من سائر الوصوليين. . . . ثم داهمه المرض من نحو ستة أشهر، وتعاوره الأطباء. . . هذا يقول:(قرحة المعدة) وذاك يقول له: (داؤك في الكبد) وثالث يقول بثالث. . . وكل يعطي حقناً ويكتب (روشتة) ويأخذ (كشفاً) حتى نفد القليل الذي