ونص على العرش كرسيان يتوهج لون الذهب فوقهما، ويكسوهما طراز أخضر تلمع نضارته بشراً، حتى لتحسب أنه هو أيضاً قد نالته من هذه القلوب الفرحة لمسة من فرحها الحي.
وتدلت على العرش قلائد المصابيح كأنها لؤلؤ تخلق في السماء لا في البحر، فجاء من النور لا من الدر؛ وجاء نوراً من خاصته أنه متى استضاء في جو العروس أضاء الجو والقلوب جميعاً.
وأتى العروسان إلى عرش الورد، فجلسا جلسة كوكبين حدودهما النور والصفاء؛ وأقبلت العذارى يتخطرن في الحرير الأبيض كأنه من نور الصبح، ثم وقفن حافات حول العرش، حاملات في أيديهن طاقات من الزنبق، تراها عطرة بيضاء ناضرة حييّة، كأنها عذارى مع عذارى، وكأنما يحملن في أيديهن من هذا الزنبق الغض معاني قلوبهن الطاهرة؛ هذه القلوب التي كانت مع المصابيح مصابيح أخرى فيها نورها الضاحك.
وأقتعدت درج العرش تحت ربوتي الزهر ودون أقدام العروسين - طفلة صغيرة كالزهرة البيضاء تحمل طفولتها، فكانت من العرش كله كالماسة المدلاة من واسطة العقد وجعلت بوجهها للزهر كله تماماً وجمالاً، حتى ليظهر من دونها كأنه غضبان منزو لا يريد أن يرى.
وكان ينبعث من عينيها فيما حولها تيار من أحلام الطفولة جعل المكان بمن فيه كأن له روح طفل بغتته مسرة جديدة.
وكانت جالسة جلسة شعر تمثل الحياة الهنيئة المبتكرة لساعتها ليس لها ماضٍ في دنيانا.
ولو أن مبدعاً أفتتن في صنع تمثال للنية الطاهرة، وجيء به في مكانها، وأخذت هي في مكانه لتشابها وتشاكل الأمر.
وكان وجودها على العرش دعوة للملائكة أن تحضر الزفاف وتباركه.
وكانت بصغرها الظريف الجميل تعطي لكل شيء تماماً، فيرى أكبر مما هو، وأكثر مما هو في حقيقته. كانت النقطة التي أستعلنت في مركز الدائرة، ظهورها على صغرها هو ظهور الأحكام والوزن والانسجام في المحيط كله.
لا يكون السرور دائماً إلا جديداً على النفس، ولا سرور للنفس إلا من جديد على حالة من