بقى أمران لا بد من الإشارة إليهما، الأول أن الحفلة لا تزال مسعرة، أي أن مشاهدتها ستكون بنقود تدفع ثمناُ (لتذكرة الدخول) ولم تجر العادة بذلك في الحفلات الأدبية.
الأمر الثاني رياسة (شرف) الحفلة، المسندة إلى هيكل باشا الموجود الآن في أمريكا. ولو فرضنا أنه في القاهرة وسيحضر الحفلة فما أظن أنه يترفع عن الرياسة (الفعلية) لحفلة إحياء ذكرى شوقي، كما أظن أن (رياسة الشرف) شيء قديم لم يعد الآن مستساغاً.
المازني يتزوج الأدباء:
كتب الأستاذ المازني في (أخبار اليوم) مقالا عناونه (لو أصبحت امرأة) وما كنت لأتعرض لمثل هذا الموضوع لولا أن كاتبه المازني، ولولا أنه يصور طوراً من الأطوار التي يمر بها إنتاج هذا الأديب الكبير. ذلك الإنتاج الذي يخف ولكنه لا يبرد، فهو دائماً تشيع فيه روح الدعابة والظرف، وقد تشبع هذا الموضوع الأخير من ذلك، بل زاد فيه حتى جاوز درجة التشبع. . .
نفر المازني من تصور أمرأة، فأبعد هذا الانقلاب التصوري عن نفسه، وحوله إلى الأدباء، متصوراً أنهم نساء وأنه يختار أحدهم أو إحداهن زوجة. أستقبح هذا التصور وجعل يصور قبحه، فقال عن العقاد:(. . ثم من هذا الذي يطيق امرأة فيلسوفة تأتي إلا الغوص والتعمق في كل شيء، وإلا أن تتناول كل مسألة بالعقل والمنطق) ثم أنتقل إلى غيره فقال: (أوخذ توفيق الحكيم - أو توتو، أو فيفي، أو حكمت، إذا جعلناه امرأة) إلى أن قال (. . . . وتنقدها كل شهر (مصروف) البيت فتثير عليك، وتقدم لك الطعام - إذا قدمت شيئاً - في (برشامة) ويدع الحكيم فيقول: (وإن طه حسين لكريم يجب لين العيش وخصبه، ولكن هذه الرفاهة ستكون على حسابي لأعلى حساب (حسنية)! ثم إنه يجب السيطرة والتحكم وإن كان يبدو ليناً، وأنا أكره حسنية هذه - كفانا الله السوء زوجتي فسينتهي الأمر بأن أخنقها أو تخنقني. وحسنية تحب باريس والغرب وأنا أكرههما وأحب الشرق. . . الخ).
ولم يخل الموضوع من شيء، فقد أشار - كما ترى - إلى صفات في هؤلاء الأدباء بهذا المزح الأكثر من اللازم. . . كل ذلك وعنوان المقال (لو أصبحت امرأة) ويظهر أنه وضعه ليسير في التخيل ونسى العنوان، أو أبقاه على طريقة لفت الأنظار بالعناوين الشاذة!
ونرجع إلى حيث بدأ، فتصور المازني في امرأة! لا عليك من المنظر. . . إنه كريم