يتوجه إليهم بالحديث فإذ هم من سحرها متهاوون متخاذلون.
ولقد راح (هارفورد) يفاخر بقوته وهيبته هذه في النادي الذي يختلف إليه حتى ضاق الأعضاء ذرعاً به ونفروا منه وجعلوه يسفهون آرائه. . . فلما ألمت آخر الأمر نازلة بأحد أعضاء النادي، إذ الوحي يهبط على (هارفورد) بالفكرة الرائعة والرأي الباهر فإن هذا العضو قد استهدف للسطو عليه وهو عائد إلى داره ليلا. وما كاد يفرغ من سرد قصته على الأعضاء ويتلقى تعازيهم على مصيبته حتى راح (هارفورد) يقهقه عالياً ويقول بلهجة التوكيد - لو كنت مكانك لما اعتدى علي اللص وسلبني مالي. . .
فقال العضو المسروق المسكين: أحقاً؟. وماذا كنت تفعل؟ فأجاب (هارفورد) جاداً متفلسفاً: إن اللص مخلوق جبان. . . وهو يظفر من (مركب النقص) بحظ كبير. . . ومن السهل تخويف مخلوق كهذا بمجرد نظرة من رجل يملك قوة الشخصية. . فقال العضو اليائس: - حسناً. . ربما يعتدي عليك في إحدى الليالي. . . وسنرى حينئذ ما يكون. . وفي الحق أن (هارفورد) الذي يؤمن كل الإيمان بقوة شخصيته، تمنى أن يقع له مثل هذا الحادث. . وأن مصاولة مع لص معتد لهي المحك الواقع والبرهان الساطع. . . ولئن خرج من هذه المصاولة فائزاً مظفراً لكان فيها أبلغ الدليل، حتى أمام أعضاء النادي الأغبياء، على أنه حقاً ذو نظرات حادة خارقة.
لكن هذا اللص المنتظر لم يتفضل بالظهور وإسداء الجميل الذي ينشده (هارفورد). . فقد راح يختلف إلى الشوارع المظلمة دون جدوى. . وطالما كان يلمح في الزوايا والمنحنيات أشباح رجال كامنين متربصين، ولكنهم كانوا لا يلبثون أن يختفوا إذا دنا منهم. . .
هنالك ذاق (هارفورد) بهذا حتى كان يسير في جولاته الليلية مفتوح السترة لعل سلسلته الذهبية اللامعة تغري الطامعين وتحرك الراصدين بل راح يمسك قفازة بيده عسى أن يكون في تألق خاتمه الماسي ما يدفع اللص المرتقب إلى الهجوم والعدوان. . لكن عبثاً كان يرجو ويمني النفس، فلم يقع شيء مما أراد. . ولما جعل زملاؤه في النادي يقولون له متهمكين: ألم تقابل اللص الموعود بعد؟) فيزيد بذلك (هارفورد) ضيقاً حتى حمله هذا على أن يقوم برحلات خاصة إلى المناطق الخطرة المشبوهة، بيد أن اللصوص رغم ذلك كله تجاهلوه كل التجاهل!.