وما لبث (هارفورد) أن أيقن أن قوته الخارقة أخذت تؤتى ثمارها. .
لقد سمع أن المنومين المغناطيسيين يأمرون (وسائطهم) بأشياء هينة فيفعلونها صاغرين. . وقد قرأ أن الإنسان إذا تفرس في عيني الأسد محدقاً تراجع (ملك الوحوش) أمامه وذيله منكس بين قدميه. . .
وما دام السد يفعل هذا، فمن المحقق أن مثل هذا اللص الحقير التافه سوف يفعله. وهكذا هبط الوحي وتجلت لحظة العمل. فسلط (هارفورد) وابلا من نظراته الحادة على اللص تسليطاً، وركزها تركيزاً، وأستجمع كل ما يملك من لهجة الأمر والنهي وصرخ فيه قائلاً:
- ضع مسدسك وأرجع إلى بيتك!! وفجأة أضاء اللص مصباحه الكهربائي فإذا ضوؤه يبين هذه النظرات الحادة الخارقة التي تشع من عيني (هارفورد). إذ هتف اللص في نبرات المأخوذة المرتاع: ويلي!
لا بأس. . أنزل يديك!!. وأطفأ اللص مصباحه. واستدار في مكانه. وولى الأدبار هارباً حتى اختفى في غمار الظلام. . . وبعد نصف ساعة كان (هارفورد) يجلس في النادي ممدود الساقين مشبكاً إبهاميه في صدريته وهو ينظر مزهواً مختالا إلى زملائه الأعضاء الذين استمعوا إلى قصته مرات. . .
وأخيراً دفع (هارفورد) صدره إلى الأمام وأخرج من جيبه سيجاراً كبيراً أشعله ونفث دخانه راضياً قرير العين، وأختتم حديثه قائلاً:
لقد صدق ظني. . . وتم كل شيء كما كنت أتوقعه. . . ومتى كانت للإنسان شخصية قوية فإنه يستطيع أن يلزم بالطاعة عصابة لصوص بأسرها، ناهيكم بلص واحد. فالمسألة إذن مسألة قوة إرادة وشخصية!.
ولم يكن (هارفورد) المحامي العبقري الفذ هو وحده الذي كان يتفلسف ليسمع آخر أقل أبهة وفخامة من النادي، كانت امرأة دميمة الوجه متجهمة السحنة تصب جام غضبها على رأس أضطلع بها. إذ راحت تقول له. يا للشيطان!. أتسمي نفسك رجلا. وأنت تترك هذا المنحوس يفلت منك. بعد أن وقف أمامك رافع اليدين في الهواء؟ فقال (بلنكي لويس) - اللص المقنع - مدافعاً عن نفسه: - لم يكن بإمكاني غير هذا. . . فإني لما سلطت عليه ضوء مصباحي وعرفت من هو، لم أستطع أن أنسى أنه دافع عني دفاعه البليغ أمام