للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإذا كانت هذه عبارة من عبارات البلاغة فما لها وما كنا وما زلنا في من مقام الاستنتاج؟ ومقام الاستنتاج هو مقام الفهم والتفاهم أي تحميل الكلام دلالاته التي لا يكابر فيها إلا غير عاقل أي في الدلالات المنطقية كما قلت لك في مقالي الذي ناقشتك فيه فقلت لك ما نصه (أليس القرآن كلاماً له الدلالات المنطقية الثلاث المطابقية والتضمنية والالتزامية التي لكل كلام؟) هذا مقام الاستنتاج الذي كنا وما زلنا نتكلم فيه، وما له ولعبارة البلاغة تدسها في غير موضعها دساً ونقحمها اقحاماً؟ ما للتفاهم والاستنتاج ولإمكان استعمال دلالة دون أخرى في التجوز والاستعارة؟! عجيب منك هذا. أتعرف أدب البحث والمناظرة يا أستاذ خلف الله؟ اعلم أن هذا العلم يقول لك: كلامك في غير محل النزاع فلا معنى له. ولقد جرك الحق أن تصف نفسك بنفسك فتقول عن نفسك انك لا تفهم كيف يكون لكل كلام دلالات ثلاث تقصد منه وأنا والله لا أستطيع أن أصفك بغير ما وصفت به نفسك أنه الحق والحق لا محيد عنه.

ولقد كنت أظنني أجادل في جو علمي عال فلا أجدني بعد الذي ذكرت في مقالك هذا إلا مضطراً أن أتنزل إلى تلميذ صغير مبتدئ في تعلم المنطق والبلاغة.

إعلم وفقك الله تعالى أن اللفظ المستعمل في حقيقته يجب أن تثبت له دلالة المطابقة (قطعاً) ومتى ثبتت له دلالة المطابقة ثبتت له دلالة التضمن (قطعاً) ومتى ثبتت المطابقة والتضمن ثبتت دلالة الالتزام (قطعاً)؛

فإن كابرت في شيء من هذا فلا كلام لنا ولا لأحد معك إلا أن تتعلم مبادئ المنطق وتساير العقول.

أما المجاز والتجوز والاستعارة إلى غير هذا مما قال علماء البلاغة فلا علاقة له بالاستنتاج وإنما علاقته بإدارة نقل الكلام عن معناه الحقيقي إلى معنى غير حقيقي أو بعبارتهم: في أداء المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة والفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض أو يزيد.

هذا هو العلم وهذا هو الحق أفقهه العلماء فهل تفقهه أنت أيضاً يا أستاذ خلف الله أو تفقهه أنت والذين معك؟ وهذه أولى مسائلك التي تكلمت معي فيها؛ بل مازال لها ملحق أذكره لك فإنك تقول عني: ماذا يكون موقفه من العلم حين يثبت بقرائن مادية يقول بها علماء

<<  <  ج:
ص:  >  >>