وهذا كله مع وقوفنا معه ونظرنا إليه منها وهي التطرف في مهاجمة المجتمع ونظمه. ولم يقل أحد بأن الأديب لا يكون فذاً مبتدعا إلا إذا شذ عن المجتمع واصطدم به.
أن حياة الأديب المتزوج تزخر بألوان من العواطف والتجارب لا يعرفها العزب، وخاصة إذا كن ذا أولاد، ولا أعتقد أن في الدنيا عاطفة أقوى من عاطفة الأبوة (والأمومة) فهو يصورها ويقبس منها طاقات روحية ينبعث بها في كل ما يكتب، فيبدع
والمتزوج رجل عينه ملأى. فهو أقدر على فهم الجمال، ومقاييسه فيه أدق من مقاييس العزب الذي يخدعه حرمانه.
على أن الأهم من كل ذلك أن الأديب لا بد له من المرأة لا لأنه رجل فحسب بل كذلك لأنه فنان يتميز بخصب الوجدان، فهو إما يتزوجها، أو يخدعها، أو تكون من سواقط الحي. .
والأولى أقرب إلى الثلاث إلى شعوره والتغلغل في حياته والمشاركة في تبعاته، وكثيراً ما تتعهده وتحفزه.
هذا ولو نظرنا إلى الموضوع من الوجهة الإحصائية كما أراد الكاتب في أول مقالة، لوجدنا أدباءنا المعروفين عدا قليل منهم متزوجين، وفي جملتهم من كان معرضاً عن الزواج ثم تزوج، وفي هؤلاء المتزوجين من ينقد المجتمع ويكتب في السياسة، وبعنف في نقده وفي كتابته، غير حاسب أي حساب لسخط المجتمع، أو لجور السياسة، أو. . . لبوار بناته. .! ولم يحق عليه شيء من ذلك.
كراسي خالية في المجتمع اللغوي:
خلا في مجمع فؤاد الأول للغة العربية أربعة كراسي بوفاة الشيخ أحمد إبراهيم باشا والشيخ مصطفى عبد الرزاق والأب انستاس ماري الكرملي.
وينشط المجمع الآن - وقد استهل دورته الحالية - في العمل لشغل هذه الكراسي.
قلت لمحدثي: لعلهم يتجهون في اختيار هؤلاء الأربعة إلى استكمال عناصر تعوز المجمع. قال: أن المجمع لا تعوزه عناصر ولا كفايات، والعجيب أنه يؤثر الاتئاد والتباطؤ، أو إن شئت فقل التكاسل، في العمل مع أن كثيرين من أعضائه لهم نشاط أدبي خارجي عجيب! وحسبك أن تعلم أنه يشتمل على كبار الأدباء في مصر ولم يبق بعيداً عنه منهم إلا المازني والزيات.