للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في انتخاب الناي في دق الطبول. .

في صلاة الملك والعبد السجين. .

وإذا ما قرب الموت ووافاها الصمم. .

فأختمن ربي عليها ريثما تحيا الرمم.

وأجعل اللهم قلبي واحة - يستقي منها القريب - والغريب!

ماؤها الإيمان أما غرسها. . .

فالرجا والحب والصبر الطويل!. . .

إلى آخر تلك الابتهالات التي نستشف من بين ثناياها فلسفة نعيمه الإنسانية، المؤمنة الموحدة، ونطل من خلال مقاطعها على ذلك العالم الروحاني الذي يعبق من أرج (بوذا) ونفحات (لاوتسو). . .

وهلم بنا الآن إلى (أوراق الخريف). . .

قل أن تجتمع الفلسفة والشعر صعيد واحد، ذلك لأن نبعة الشعر الوجدان، ونبعة الفلسفة العقل، وإذا استطاع الشاعر أن يزاوج بين الشعر والفلسفة كما فعل أبو العلاء المعري (وجيتي) وغيرهما مما عمقت ثقافتهم وتسامت أرواحهم واتسعت آفاق وحيهم ودقت ملاحظتهم بواطن الحياة وظواهرها، أقول إذا استطاع الشاعر أن يجمع بين الشعر والفلسفة فهو الشاعر الخالد الذي لا يجوز لأمة أن تدعيه لنفسها دون أمة أخرى لأنه شاعر كل مكان وزمان. ونعيمه - في اعتقادي - أحد أولئك الشعراء وأن كره عشاق (موزاييك) الألفاظ وعباد الطنين والرنين والقوافي والجوفاء!

ففي المقطعين الأولين من (أوراق الخريف) نرى نعيمه شاعراً يؤلمه ويشجيه لأن يشاهد تلك الوراق المصفرة التي لوت أعناقها رياح الخريف وذرتها في الفضاء. .

إنني لأكاد المح دمعة التفجع في عينيه وهو ينظر إلى تلك الوريقات تتساقط الواحدة تلو الأخرى ناظرات إلى رفيقاتهن اللواتي ما برحن خضراً على غصنهن بأعينهن الدامعة وقلوبهن الواجفة لهول الفراق الذي لا لقاء بعده ولرهبة المصير الذي لا رجعة منه!

هذا المقطعان هما من رائع الشعر لأنهما غاية في البساطة والصديق والإحساس فضلاً عن الموسيقى المترقرقة بين السطور وفضلاً عن المعاني الإنسانية والأحاسيس المختلفة التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>