للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأيام وكان مسرحها جنبات الوادي الأخضر، وليس للكهنة عليها من فضل، اللهم إلا تأليه أشخاصها، وجلوها، وتجهيزها، ثم زفها للناس.

وتتلخص القصة من أن (ست) حاكم الصعيد الغشوم قد حقد على أخيه (أوزيريس) حاكم الدلتا لعدله وحب الناس له، فصنع له تابوتاً على قده واحتال عليه حتى أرقده فيه، وأحكم عليه الغطاء ثم ألقاه في النيل، وقذفته أمواج البحر إلى ببلوس (جبيل) من أعمال فينيقية (لبنان)، وهناك أنبت الله عليه شجرة أرز وارفه أعجب بها حاكم البلاد فقطعها، وجعل منها عموداً يحمل سقف قصره، وسعت (أيزيس) الزوجة المخلصة حتى عادت بتابوت الشهيد إلى الدلتا، ثم كشفت الغطاء وذرفت دمعة ساخنة سقطت على وجهه، فأعادت إليه حياته بأذن الله، إلا أن (ست) وافاه والمنية تسعى في ركابه، فمزق الشهيد قطعاً وبعثر أشلاءه في أقاليم الوادي. . . ثم عمد منه إلى عضو التذكير فيبتره وألقى به إلى سمكة في النيل، حتى لا ينجب ذرية قوية تنازعه الغلبة والسلطان.

إلا أن (إيزيس) التي حملت من روح زوجها أنجبت له (حوريس) فيعمل هذا على الانتقام لأبيه، ويطلب الاحتكام في أمره وتبدأ أولى جلسات المحكمة في (أون) عين شمس، ويخاف (ست) على هيئة المحكمة أن تعصف بها فتنة (إيزيس) الجميلة الساحرة، وتنتقل المحكمة إلى قاعة العدل العليا في جزيرة فيلة عند الشلال الأول، غير أن (إيزيس) تسافر إلى الشلال الأول وتطلب من أحد الملاحين أن ينقلها على سفينة إلى الجزيرة ويجيبها السفان أنه لن يستطيع هذا بأذن منها، وتتمكن أخيراً من إغرائه بالذهب فيحملها إلى الجزيرة.

. . . وتتم كلمة الله ويجيء الحق ويزهق الباطل يزهق معه روح (ست).

ومنذ ذلك اليوم من فجر التاريخ إلى آخر أيام الفرعنة، والملوك - إلا في فترات قصيرة - يعتبرون أنفسهم أحفاداً (لحوريس) وذلك لإقرار شرعية حكمهم، ومن أجل هذا كتبوا أسماءهم داخل إطار فيما يحاكى رسم القصر الملكي، وقد حط عليه الصقر رمز (حوريس) مشرعاً هامته إلى السماء.

وتروي لنا القصة فيما تروي من أنباء الماضي أن مصر قد تذوقت لوناً من ألوان الوحدة تحت حكم ملك واحد فيما قبل أيام (مينا) مؤسس (الأسرة الأولى). وتروي لنا أيضاً أن لمصر علاقة بلبنان قديمة قدم القصة، وتطالعنا الآثار بأن مصر أفادت من خشب الأرز

<<  <  ج:
ص:  >  >>