للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيدينون للحمس من قريش، ويرون تعظيمهم والإقتداء بآثارهم فرضاً مفروضاً، وشرفاً لهم عظيماً، وكان أهلها آمنين، يغزون الناس ولا يغزون، ويسبون ولا يسبون:

أبوا دين الملوك فهم لقاح ... إذا هيجوا إلى حرب أجابوا

وكان أهلها في جاهليتهم حلفاء متآلفين، ومتمسكين بكثير من شريعة إبراهيم عليه السلام، ولم يكونوا كالأعراب الأجلاف، ولا كمن لا يوقره دين، ولا يزينه أدب، وكانوا يختنون أولادهم، ويحجون البيت، ويقيمون المناسك،

وكانوا يتزوجون أي القبائل شاءوا، ولا شرط عليهم في ذلك، ولا يزوجون أحداً حتى يشرطوا عليه بان يكون متحمساً لدينهم، يرون أنه لا يحل لهم ولا يجوز لشرفهم حتى يدين لهم

وكان العرب منذ الجاهلية يحجون البيت، ويعتمرون ويطوفون. فإذا أرادوا الانصراف أخذ رجل منهم حجراً من حجارة الحرم، يتذكرها به ويجله. . .

هذا ولك الحق يا سيدي الأديب، في أن تأسف إذ لم تر لواحد من سكان بلدك بحثاً أو مقالة في الرسالة، ولكنما هم الملومون يا سيدي لا الرسالة. وما أحسب الرسالة تنشأ (لتسجل ظواهر التجديد في الأدب العربي، وتكون ديوان العرب المشترك) ثم تسد بابها في وجه قوم هم خلاصة العرب، وبنو خلاصتها، فانشروا فيها يا سيدي، ونقرأ لكم، ونستفد منكم، ونشكركم. وعليك يا سيدي الأخ الأديب السلام ورحمة الله.

دمشق

علي الطنطاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>