أولم تر يا سيد أحمد علي كاتباً حجازياً في الرسالة؟ أين أنت يا سيدي؟ وأي شيء يكون كتاب الرسالة إذا لم يكونوا مسلمين عرباً حجازيين؟ أهم روم؟ أهم يونان؟ أهم فينيقيون؟ أهم فرس؟
أليس أهل مصر وأهل العراق وأهل الشام من أبناء الحجاز اللذين خرجوا من الجزيرة تحت راية محمد، ففتحوا العالم واستقروا فيه؟ أليس عمرو وجيشه من أهل الحجاز؟ أليس سعد وجنده من أهل الحجاز؟ أليس أبو عبيدة وخالد وأصحابهما من أهل الحجاز؟ أليس بنو أمية حجازيين؟ أليس بنو العباس حجازيين؟
كأني بك تريد أن تقول: هاك كتاب الرسالة السابعة والخمسين: إن مختار الوكيل مصري، وطوقان فلسطيني، وعباسي أردني، وفتاة الفرات عراقية، وباكثير حضرمي. ولكن لا. ليس في قاموسنا مصري ولا شامي! ولكن فيه مسلم، وفيه عربي.
وأي مسلم لا يرى الحجاز وطنه الأول من جهة النسب ومن جهة الدين؟
وأي عربي (كائناً ما كان دينه) لا يرى الجزيرة محتده وأصله، ومحمداً سيد العرب فخره؟
وهل ينسى مكة مسلم يتلو قول الله:
(لتنذر أم القرى وما حولها)
(والتين والزيتون، وطور سينين، وهذا البلد الأمين)
(لا أقسم بهذا البلد، وأنت حل بهذا البلد)
(وليطوفوا بالبيت العتيق)
(جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس)
(رب أجعل هذا البلد آمناً وأجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام)
(ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرم)
ويتلو قول رسول الله (ص) حين فارق مكة مهاجراً:
(إني لأعلم أنك أحب البلاد إليّ، وأنك أحب أرض الله إلى الله، ولولا أن المشركين أخرجوني منك ما خرجت)
ومن ينسى مكة وفيها تاريخ أشرف أمة. وهي أشرف مدينة: لم تدن مذ خلقها الله لملك أجنبي عنها، ولم يؤد أهلها أتاوة لأحد، كانت تحج إليها ملوك حمير وكندة ولخم وغسان،