وأنا رجل ضعيف، وأني أحذر وزارة المعارف أن تجعلني ناظراً أبداً وإلا أفسدت لها الدنيا. . . وإن كنت لأزعم أن ما أصنعه من مغفرة إنما هو إصلاح وأن خفي ذلك على فحول التربية. . .
وقال البك الناظر يوجه الكلام إلى رجل وهو يدق مقبض عصاه ويتأوه، لو كان الأمر أمر ابنك وحده لقبلته من اجل خاطرك ولكني أبعدت سبعة غيره. وارتاح الرجل لهذه الكلمة وقال: هذا كلام طيب أشكرك عليه وهو من كرم خلقك، ثم نهض يبتلع ريقه في عسر ويستجمع نفسه المتقطع وسلم اللم والحسرة في عينيه وملامحه، وخرج من الحجرة يتكئ على عصاه ويكرر عبارات الشكر والتحية. . .
وبعد، أفلم يأن لمدارسنا أن تغير أسلوبها فلا تجعل المسألة يوماً يبدأ وينتهي على أية صورة وبرامج تقطع تأهباً لامتحانات فاسدة لا تدل على شيء، ثم لا يبقى بعد ذلك التفات إلى خلق ولا عناية بتربية ولا رعاية لمستقبل أمة؟ إن على مدارسنا التبعة قبل الآباء في فساد من تطرد من الفاسدين، وإن علينا أن نصلحهم أجمعين وإلا فبأي وجه نكون من المربين.