فالصورة أو التصور الجديد للأدب أن يحيا الأديب في البيئة ويشارك الناس أحزانهم ومسراتهم، لا ليصور ذلك فحسب، بل ليضيف إلى التصوير التغيير والإصلاح للوصول بالجماهير إلى مستوى فيه السعادة والنعمة والخير.
ثم قال الدكتور: هذا هو سبيل الأديب إلى أن يكون نافعاً وله قراء. أما الأديب الذي ينظر في النجوم ويشاهد أشعة القمر في انعكاسها على مختلف الأشياء ولا يغادر برجه العاجي فلن يقرأه إلا المثقفون القليلون، وقد يسرون منه ويعجبون به، ولكنه ليس الأديب الذي يشعر إلى الحرية بالتبعات والواجبات، وليس الأديب الذي يقبل عليه القراء فيجدون أنفسهم وأمانيهم ومطامحهم فيما يكتبه.
عود إلى قريب:
عندما قال الدكتور طه إننا لا نكتفي من الأديب أن يكون مرآة عصره - داخلني شيء من الزهو الذي قال إنه يداخل الأدباء، وقلت في نفسي: أيكون هذا الرجل الخطير قد قرأ ما كتبته فأثار في خاطره هذا الذي قال؟
والذي كتبته كان تعليقاً على ما أفضي به إلى مجلة (الكتاب) من الرأي في شوقي وحافظ، إذ قال بأنهما لم يبلغا من الشعر ما كان يحب لهما وللشعر العربي الحديث، ومما علل به رأيه قوله:(فلم يكن هذان الشاعران إلا مرآتين صادقتين للعصر الذي عاشا فيه).
وكتبت تعليقاً على هذا:(ويحضرني - لذلك - رأي للدكتور طه حسين في كتابه (حديث الأربعاء) مؤداه أننا لا نعد الشاعر شاعراً إلا لأنه يعبر عن بيئته ويصور عصره فيحسن التعبير والتصوير. ورأي الدكتور طه في شوقي وافظ أنهما لم يبلغا من الشعر ما يحب فأي الرأيين ما زال يرى؟).
وسواء أكان ما قاله في المحاضرة صدى ما أنفذته في الرسالة منذ أكثر من شهر أم لم يكن، فإنني أعتبره جواباً شافياً لذلك التساؤل ولا أسوق هذا إشباعاً لما قلت إنه داخلني من الزهو، وإنما أذكره لإزالة الغبار الذي علق برأي الدكتور طه في شوقي وحافظ من جراء ذلك التعليق.