اطلعت على ما كتبه الأستاذ نقولا الحداد في العدد ٧٤٨ من الرسالة الغراء عن الفضاء والعدم. وفيه يقول إن هذا الحيز الذي نسميه فضاء لا بد أن يكون مشغولاً بمادة حتماً. وأنا أقول أنه لا يجوز لنا أن نبني أقوالنا في علم الطبيعة على الحتم هذا، فأن أجازه حضرة الكاتب فيجوز لي ولأي شخص آخر أن يقول إن قوانين الجاذبية الأرضية التي صاغها إيزاك نيوتن ناقصة حتماً ولا يجوز الأخذ بها كقوانين ثابتة في علم الطبيعة، إذ ربما كان هناك مكان على سطح الأرض تسقط فيه الأثقال من أسفل إلى أعلى، وليس في وسع الأستاذ نقولا أو أي عالم من علماء الطبيعة أن يقول إن مكاناً كهذا لا وجود له في مكان ما على سطح الأرض ما دام في الأرض بقاع لم يردها رائد للتثبيت من أن سقوط الأجسام يجري فيها طبق العادة ووفقاً لقوانين نيوتن.
فإذا وجد ذلك المكان أنهدم وانهار أثبت وارسخ ما قام عليه بناء العلم من قوانين.
ونسى الأستاذ أو أغفل ما قاله أنيشتاين في نظريته النسبية وبما أجرى الكثير من علماء الطبيعة من تجارب علمية تنكر ما يسمى بالأثير.
أما أنيشتاين فقد قال إن السرعة النسبية بين جسمين ماديين قد يكون لها أثر محسوس في الظواهر المشاهدة، أما السرعة المطلقة لجسم في الأثير الراكد فلا أثر لها في المشاهدات ولا وسيلة لقياسها، وإذن فلا يجوز لنا أن نفترض وجود مكان مطلق إذا كانت كل الوسائل التي نملكها عاجزة عن قياس سرعتنا في هذا المكان. ولا معنى للقول بوجود أثير راكد إذا كنا لا نستطيع تحديد مقدار حركتنا في هذا الأثير ولا اتجاهها. وعليه يجب أن نعدل عن فرض وجود هذا الأثير المكاني وأن تقول بنسبية المكان.
وثبوت سرعة الضوء حسب (تجربة ميكلش ومورلي) مبدأ أساس في نظرية النسبية وهو قانون من قوانين الطبيعة وهو طبقاً لمبدأ النسبية مستقل عن الزمان وعن المكان وعن الحركة؛ وعلى ذلك فسرعة الضوء يجب أن تكون مستقلة عنها جميعاً.