لهوه، وما كانت لتغنينا لولا ما أوحت إليه من روائع فنه. فإذا نحن قصرنا القول هنا على مجالس شرابه، ومن حوله غلمانه وقيانه، فذلك أن الخمر كانت عروس شعره، بل هي شيطانه).
وقد وفى الكتاب بهذا الغرض من ناحية الترتيب والتبويب على الخصوص.
والذي يطلب منا أن نلاحظه عرضاً في سياق التعقيب على (ألحان الجان) أن مؤلفه الأديب تجاهل كل رأي لنا في موضوعات كتابه ولا سيما رأينا في خمريات الخيام وخمريات المعري وعلاقتهما بخمريات أبي نواس، مع أنه يعلم هذا الرأي حق العلم ويقرر فحواه كل التقرير، وهو أن سكر الخيام هرب من مشكلة فلسفية، وأن سكر النواسي عكوف على لذة حسية، وقد عقد لهذه المقارنة فصلاً خاصاً في كتابه، وأتبعه بفصل عن المعري وما قاله في الخمر، وحرص على رد الآراء إلى أصحابها في الهوامش وثبت المؤلفات، ولعله قدر أن الإغضاء عن ذكر (العقاد) يرضي أناساً كان إرضاؤهم يومئذ مما يعنيه.
إلا أننا نشير إلى هذا التجاهل الذي لا عجب فيه لنقول إنه ينفعنا ولا يضيرنا، فلا يقولن قائل مع هذا أن العقاد يعطي فوق حقه من معاصريه، بل به - أو عليه - أن يقول: إن حقه قام على رغم الجهلاء والمتجاهلين، وأنهم لو استطاعوا لأنكروه، ولكن إنكاره بحمد الله مما لا يستطاع.