للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بخمرة عطرها، وارتووا بعصير ثمرها، وعاشوا بوافر خيرها، سلمناها إلى هؤلاء. . . المتمدينين. . . ليحفظوها للأجيال الآتية، فلم يكن منهم إلا أن رموا عليها قنبلة ذرية. . .

وماذا تصنع القنبلة الذرية؟ إنها تميت ولكنها لا تحيي، فهل عندهم قنبلة أخرى تحيي هذه الحكومة اليهودية التي ماتت من ألفين وخمسمائة سنة، وتعيد إليها الروح، وإذا هم استطاعوا اليوم إقامتها وتسنيدها بالأخشاب حتى تبدو كأنها حية، ولن يستطيعوا، فهل يبقون معها دائماً يحمونها أن يبتلعها هذا اللج العربي الذي يحيط بها، أو تهدمها موجة عاتية من موجاته، فتأتي عليها من القواعد؟. . . أفلم يفكروا في هذا؟

أنا أسمع من زمان أن السياسة لا أخلاق لها، ولكني لم أعلم قبل اليوم أنها لا عقل فيها. . . ولا حياء!

أفلا يستحي هؤلاء (المحترمون) أعضاء هيئة الأمم المتحدة أن ينكروا بالأمس على هتلر أنه سلب حقوق اليهود فأعطاها الألمان، وأنه أراد العلو في الأرض بغير الحق، وأن يثوّروا عليه الدنيا، دفاعاً عن الحق وعن الديمقراطية، ثم يجيئوا اليوم فيفعلوا ما لم يفعله هتلر، ولا موسوليني. وما أدافع عن الملعون موسوليني، ولكن أقول إنه كان كالذئب يقتل الخروف ليأكله ويتغذى به، لذلك عدا (لا رحمه الله) على طرابلس، أما هؤلاء فيعتدون ليغذوا غيرهم، ويبيعون دينهم بدنيا سواهم!

أو لا يعقلون أيضاً؟! ولا يخطر على بالهم أنه ربما نشأ هتلر آخر، يكون اسمه ستالين مثلا، وربما احتاجوا أن يثيروا الناس عليه مرة ثانية باسم الحق والإنسانية وميثاق الأطلنطي. . . فهل يجدون في الأرض مغفلا واحداً يصدقهم، بعد الذي رأى منهم؟

أو لا يعتبرون بما انتهى إليه هتلر، ومن قبل هتلر نابليون، ومن قبلهما كسرى وقيصر، وكل طاغية جبار؟ فهل دامت الدنيا على أحد حتى تدوم لهم؟ أهم أشد سلطاناً في الأرض من الإسكندر، وتيمورلنك؟ لقد كان الاسكندر، وكان تيمور بطلين ليس أمامهما كفوٌ لهما، وهؤلاء مهما قويت كل دولة منهم، فإن لها أكفاء هم أعداء في ثياب أصدقاء، وسيضرب الله بعضهم ببعض، ويريح الإنسانية منهم ومن حضارتهم، ولا يبقى منهم إلا أخباراً يقرؤها غداً تلاميذ المدارس، فيعجبون من أصحابها ويلعنونهم عليها. وهذا أمر محقق وإن كان يبدو الآن كالخيال.

<<  <  ج:
ص:  >  >>