للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مارس ١٩٤٥.

ففي مارس كانت النار تطلق على أطفالنا ونسائنا من نوافذ دار البعثة الفرنسية في (الشهداء) بأيدي الفرنسيين وأذنابهم حمير الاستعمار، أذناب موسكو.

وثانيها: وهذه خلة في دمشق لا توجد في غيرها، أن الأحزاب كلها اجتمعت أمس على اختلافها، وتقاربت على تباعدها، فلم تبق في دمشق حزبية، أن الحزبية في مثل هذا اليوم تعد في الشام خيانة وطنية.

وثالثها: أن الحكومة كانت مع الشعب، وأن رئيس الجمهورية خطب في الشباب والطلاب يدعو هو إلى الجهاد، ولا عجب فقد كان شكري بك القوتلي الوطني والمجاهد مقارع الاستعمار قبل أن يصير فخامة السيد شكري القوتلي رئيس الجمهورية السورية.

وأنه خطب مثل ذلك رئيس الوزارة السيد جميل مردم، ووزير الداخلية السيد محسن الرازي، ووزير المعارف الصديق السيد منير العجلاني، وأن ثلث نواب المجلس تطوعوا مع المطوّعية لنصرة فلسطين وأنها لم تسق كتائب الشرطة وفرق الجنود، لضرب وجوه المتظاهرين، وسد الطرق عليهم، وكل ما صنعته الحكومة أن حاولت منع الناس من الأذى، فلما رأت أن الحماسة طاغية وأن المنع لا يكون إلا بإيذاء الناس لم تستطع أن تحتمل مقالة التاريخ عنها؛ (إن حكومة فلان وفلان، ذبحت شباب البلد لأنهم خرجوا يدافعون عن فلسطين) وما في الشام رجل واحد يرضى أن يكون رئيس وزارة، وأن تنسب إليه هذه المعرَّة!

وكان أجمل من ذلك كله. أ، فقررت الكحومة حل الحزب الشيوعي، ومحو هذه البقعة النجسة عن وجه دمشق وطرد الموظفين الشيوعيين، وكانت حسنة من حسنات (المحسن).

ورابعها: أن دمشق أغلقت ملاهيها وسينماتها إلى أجل غير مسمى أن الأمة التي تجدّ حقاً في جهاد هو لها مسألة حياة أو موت، لا تفكر في تسلية ولا لهو، وإن هي فعلت كانت أمة لاعبة كاذبة.

وخامسها: أنها جمعت البضائع الصهيونية، والأفلام الأميركية، وأحرقتها في الشوارع لأنها عرفت أننا إن شتمناهم ونحن نروج بضائعهم ونشتري أفلامهم نكون قد أيدناهم وقويناهم، وأضحكناهم على أنفسنا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>