إيه يا فلسطين، أيتها العربية الأبية، إن هذا الاتفاق الذي يعلنه الصهيونيون نصراً لهم، سيعمل دعاتهم ما استطاعوا ليوقعوا في روع شعبك الباسل أن الأمر قد قضي ولا سبيل إلى المقاومة؛ والحقيقة أنك قد ارتفعتِ بهذا الأمر وشرّفت به، وإن كل أمريكي من المائة مليون الذين يسكنون الولايات المتحدة ليعلم اليوم أن بلاده قد أقدمت على تضحية كبرى باتفاقها مع الروس هذا الاتفاق، وهو يعرف لماذا أقدمت بلاده على هذه (التضحية) إنه يوقن أنها فعلت ذلك اعتقاداً منها أن ذلك سيجنبها عبء الاصطدام بالمقومة العربية التي لا تريد مواجهتها وقد أوهمها سماسرة الصهيونية أن هناك شيئاً واحداً يجنبها هـ١االصدام، وهو أن يصدر قرار قانوني من (الأمم المتحدة) ولابد لذلك من رضاء روسيا، فلتحصل عليه بأي ثمن. فانظري يا فلسطين الصغيرة أي ثمن تدفع أمريكا لتتفادى مواجهة مقاومتك وحدها وهل تظنين أن أمريكا كانت تقبل أن تنتظر موافقة روسيا لتفعل شيئاً لو كانت استطاعت أن تفعله وحدها؟ فما بالك إذا أصبحت مقاومتك حقيقة واقعة، وأرادت روسيا أن تطالب بنصيبها في (العمل) مستعينة في ذلك بسلاحها التقليدي (الفيتو)؟ قسما إن أمريكا تفضل حينذاك أن تهدم (الأمم المتحدة) بدلاً من قبول ذلك. . .
إيه يا فلسطين العزيزة، إنك ستحققين هذه المعجزة، وإن أبناء العروبة ليتحفزون للتضحية رهن إشارتك، ويدفعهم إيمانهم بالمثل العليا والمبادئ السامية التي سيكافحون من أجلها، غير عابئين بدعاة الذلة واليأس، الذين يتخذون من (الواقع) حجة لبذر أسباب الجزع والاستكانة، وإن لهم شياطين تعلمهم وتغذيهم بمنطق خادع مضلل، إنهم ليقولون: كيف تطلبون الإنصاف من عالم لا يعرف الإنصاف، وتنتظرون العدل من دول لم تؤسس إلا على الظلم، وبماذا تتسلحون؟ بقوة الروح وعزة النفس في ميدان لا يعرف إلا عدة الحرب وقوة السلاح. والواقع شهيد بذلك، فالأمم الصغيرة تباع اليوم في أسواق السياسة بيع الرقيق، وتعرض في مؤتمرات الاستعمار ظاهرها وخفيها عرض السلع. لقد قام مقام الرق الفردي رق جماعي هو الاستعمار بطل صوره من حماية أو وصاية أو انتداب، هو الرق الأوربي الذي ابتدعه شياطين السياسة ليتحكموا به في رقاب الأمم والشعوب. ألا ترون أوطانكم التي بيعت في هذه (الأسواق) السياسية واحداً بعد الآخر؟ وما (الأمم المتحدة) إلا