للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولنعد الآن إلى حكاية الآنسة (س) التي صدرنا بها هذا البحث فنقول إن الأخصائي الذي حلل الفتاة نفسياً، أثبت أن للفتاة عمة انتهرتها ذات مرة لأنها تشرب الماء بطريقة غير مألوفة أثناء تناولها الطعام حتى أنها أصيبت بعسر هضم، الأمر الذي اضطرها إلى الإقلاع عن عادة تناول الماء خلال تناول الطعام. بل إنها زادت على ذلك فأمست لا تطفئ ظمأها إذا ما شربت في الأوقات العادية، ومن ثم كانت (س) تذهب إلى فراشها وهي ظمآى. . .

كان ذلك الظمأ حالة ثابتة في النوم. وكان يهدد بإيقاظ النائم وكان بادئ الرأي ألماً ممضاً يسبب التنشيط، فحول حارس أحلامها الألم إلى صحراء مجدبة قاحلة، مصحوباً بإيحاء ودي (ستحصلين فوراً على ماء كثير). وإذ يغدو ظمأ الجسم الفيزيقي أكثر ثبوتا، يصير حارس الحلم أكثر تأثيراً لا بتعقل فحسب ولكن بصواب أيضاً! فكان أن صاح الحلم (لا تستيقظي، ها هو الماء كثيراً ويمكنك أن تأخذي منه كفايتك!. . .)

ووجد أن الآنسة (س) كانت تتخيل أن الحلم بوفرة الماء قد يكون سببه تعودها الفعلي على الشرب الكثير قبل النوم. فكانت لذلك لا تشرب إلا قليلا قبل ذهابها إلى النوم، آملة أن يقف الحلم عند حده. وكان مغبة عملها هذا أنها أطلقت العنان لعناد الحلم. . .

وكان العلاج في غاية البساطة. هو أن تتناول قدحين من الماء قبل ما تذهب إلى فراشها. وبهذا العلاج البسيط زالت أهمية الحلم وصار لا لزوم له على الإطلاق، ولذا امتنع عن العودة. وبزوال الحلم زالت أيضاً المخاوف من الماء، تلك المخاوف التي بدأت تؤثر على عقلها لدرجة خطيرة. واستعادت (س) صحتها، وسعادتها.

والعلاج الذي نتخذه ضد ما نسميه الأحلام (السيئة) يوجد في الغالب في الحياة العادية الصحية، النظيفة. وإننا إن حكمنا أفكارنا ورتبناها، يصير نومنا هادئاً مريحاً. وليس هناك أي خوف إن حلمت. فإن كنت متمتعاً بالصحة فلا بد أنك ستحلم الأحلام التي ستحرسك من أي انفعال مزعج، سواء كان من العالم الذي حولك وأنت نائم أو من العالم الأكبر المخزون في ذاتك الداخلية. إذن ستنام، وستجد الصحة في (المجدد الهادئ للطبيعة الحلوة - النوم).

والشخص العاقل يستعمل النوم للنفع أيضاً. فالأفكار التي تلازم العقل الواعي قبل النوم مباشرة، بانتظام أو حتى باطراد، تتسلل وتأخذ طريقها إلى اللاشعور. فإن كانت الأفكار عن سعادة أو نجاح أو صحة، فإنها كتما تعجل نشاط اللاشعور وتتحقق تلك الرغبات.

<<  <  ج:
ص:  >  >>