ينعى إلى (أحمد) وما أحمد. هذا حميم أحم الله حمته فقضى، وخليل أخل لخه ومضى؛ شكا إلى الطب داءه فما أشكاه، واستأنى الأجل أجل صغير يرعاه فما آناه).
وأنا أعرف الأستاذ الأبياري رجلا دمثاً وديعاً موطأ الأكناف، فعجبت كيف عمل هذه (العملة) ولم عنى نفسه بهذا العناء؟ لم لم يقل: أتى على الليل وأنا أدافع هماً لزمني حتى الصباح، بدل (أليلتُ أزع بلبالة صدرت بها فما أنجحت حتى أصبحت) وماذا جرى للبواب حتى صار (البائب)؟ أمن الوفاء يا سيد إبراهيم أن ترثي صديقنا الراحل بمثل هذا؟ وماذا جنى حتى تحصبه بمثل (هذا حميم أحم الله حمته) أو بكلمة (بقواك) في قولك (وإما الإشفاق علي بقواك فما أعوزنا معه إلى ذي حول يعين بقول) أو هذا جزاء الصديق من الصديق؟!
أذكر أنني سمعت ثناء من فقيدنا الشاعر على الأستاذ الأبياري لنبالته وسهولة خلقه، فقد زامله في إخراج بعض الكتب، ولكنه لم يكن يدري أنه سيرثيه بـ (أليلت. . الخ) وفي (الثقافة) مجلة الأصدقاء!
وبعد فما غاية هذا (التفاصح) أيريد الكاتب أن يعبر عن أساه ولوعته أم يريد أن يظهر اقتداره على التشدق بالغريب؟ أما الثانية فله أن يحمد الله على نجاحه فيها وإن كان هذا النجاح لا يهم أحداً غيره. . وأما الأولى فليس سبيلها الجهد في تأليف الغريب وتكوين تلك التراكيب التي تصرف القارئ عن مضمونها إلى غرابتها والاستغراق في العجب من معاناتها، كما صرفت الكاتب من قبل عن الموضوع إلى هذه المعاناة. . ورحم الله الزين.
الأناشيد أيضاً:
كتبت في الأسبوع الماضي كلمة عن (الأناشيد) بينت فيها ضعف ما لدينا منها وعدم وفائه بالغرض المنشود، وأشرت إلى حاجتنا في الظرف الحاضر إلى نشيد قومي نابض بالحياة يردده الجميع. . وأذكر اليوم أن الأستاذ محمد عبد الوهاب كان قد كتب في (المصري) ينعي على الشعراء قصورهم في وضع الأناشيد القوية بمعانيها وحسن تعبيرها، وفي يوم الاثنين نشرت (المصري) ردوداً لجماعة من شعرائنا على عبد الوهاب.
قال الأستاذ علي محمود طه بعد أن أبدى موافقته لعبد الوهاب في نقد الشعراء: (ورأي الأستاذ في التأليف الشعري صائب وجميل، ولكنه ينصب في كل ألفاظه ومعانيه على التأليف الموسيقي، ويتهم صاحبه بألف دليل ودليل على أن موسيقانا في أغانينا أو أناشيدنا