للمسيحية، وإنه إنما يتكلم عن عقيدة وإيمان بما يقول. ذلكم هو الرجل النبيل غبطة البابا كريستوفورس الثاني بطريرك الإسكندرية وإفريقية الأرثوذكس.
وقد جاء في هذا الحديث أن غبطة البطريق الأعظم للروم قد دهش لإنشاء دولتين في فلسطين، ودهش أيضاً من أن تكون أمريكا والاتحاد السوفيتي هما الداعيتين إلى هذا التقسيم. ثم قال:
(وإنه لتزداد دهشتنا أن تعمد الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذه المحاولة الجريئة رغم أحداث التأريخ الدالة على فساد هذه الفكرة وخطرها. ولهم العبرة فيما حاوله الإمبراطور جوليان الروماني. ولا ندري كيف فكرتا في وضع الأراضي المسيحية المقدسة في حماية أولئك الذين رغبوا دائماً، جماعات وأفراداً، في أن يعيشوا حتى يروا اليوم الذي لا يسمع فيه ذكر للمسيح. وهل يستطيع إنسان أن يتصور اليهود حرساً وحماة للأمكنة المقدسة. وهم الذين سيعمدون إلى تدنيسها بمجرد السيادة فيها؟
(ونحن نرى أيضاً أنه لا يمكن أن يسمح للفاتيكان أن تكون له السيادة في فلسطين، فإن الحروب الصليبية قد برهنت على فساد هذه الفكرة. ولهذا فإننا نحن الروم الأرثوذكس نرى أنه في حالة إلغاء الانتداب الدولي على الأراضي المقدسة، أو عدم وجود دولة عربية مكان هذا الانتداب، أن تعطي للمسلمين حماية هذه الأراضي، لأنهم منذ مارسوا حكمها في هذه القرون الطويلة، قد برهنوا على أنهم جديرون بثقتنا).
وهذا كلام أقل ما يقال عنه إنه كلام رجل مؤرخ عالم بصير لا يدفعه إلى ما يقول هوى لشيء ولا رهبة لمكروه. فإن غبطة البابا كريستوفورس قد قضى طفولته وشبابه في فلسطين، وقد عرف بنفسه شعور اليهود ضد العرب وضد الأرض المقدسة، كما قال متكلم بلسان البطريركية الرومية.
وقد أثبت حديث البطريق الأعظم بتمامه لأنه سوف يصبح هو وقائله جزءاً لا يتجزأ من تأريخ الإسلام، ولأننا نحن المسلمين نحن أن نحمل المنن في أعناقنا فنحافظ عليها ونرعاها وندافع عنها ونجزيها أحسن الجزاء. إن حديث هذا الشيخ الأجل سوف يصير قطعة من تاريخنا يرويه أربع مائة مليون عربي ومسلم في مشارق الأرض ومغاربها، وهو حدث يفسر كل ما كنا نقول به من أن مشايعة الدول الأوربية والأمريكية للصهيونية الفاجرة،