وليأذن لنا سيادته أيضاً أن ننبهه إلى أن الصهيونية تدعى أنها تتكلم باسم يهود العالم جميعاً، وأن جميع الدلائل إلى اليوم تدل على أن كثرة يهود العالم منضمة إليهم، فما هو الضمان الذي يقدمه لنا سيادته حتى تطمئن قلوبنا إلى أن يهود مصر ليسوا كيهود سائر العالم؟
وليأذن لنا سيادته أيضاً أن ننبهه إلى أن الصهيونية قد أذاعت منذ القديم أنها تريد أن تستولي على أرض إسرائيل كلها من الفرات إلى النيل، وأن هذا مطبوع منشور في كتبهم، وأنه حين أذاع نبأ التقسيم وقف مفلوك صهيوني يستنكر التقسيم ثم يرضي به على مضض، لأنه الخطوة الأولى التي تفضي إلى استيلائهم على أرض بني إسرائيل كلها من الفرات إلى النيل. وأنا لا أظن أن مثل هذا مما يغيب عن الرجل الفاضل العالم أحد أعضاء المجمع اللغوي العربي.
وليأذن لنا سيادته أن نذكره بوصية في محكم تنزيله إذ يقول:(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)، فالمسلمون والعرب جميعاً سوف يقاتلون من يقاتلهم من الصهيونيين، أما سائر اليهود فلن يعتدي عليهم مسلم ولا عربي ما داموا في ذمتنا ولا يؤلبون علينا. فهل يأذن سيادته بأن يعلم أن المسألة ليست مسألة سياسية نريد أن نقحم الدين فيها، بل هي مصير العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟ وهل يأذن لنا أن نسأله أن يدفع عن يهود مصر كل شك وريبة بأن يصدر بياناً صريحاً عن موقف يهود مصر في مسألة التقسيم؟ وهل يأذن لنا سيادته أن نطالبه ونطالب أبناء ملته من يهود مصر بأن يفعلوا فعلاً صريحاً واضحاً يدل على أن عواطفهم هي عواطف الأمة المصرية تشعر بشعورها وتتألم بألمها؟ وهل يأذن لنا سيادته أن نقول له إن هذا الذي يجري الآن ليس (ظرفاً عصيباً) كما جاء في كلامه، بل هو أوضح من ذلك، هو حرب بيننا وبين يهود العالم وكل من يناصرهم من الأمم، وأنها حرب سوف تستمر إلى أن يستقر الحق في قراره ولو طالت مائة عام؟ أفليس من الحكمة إذن أن يتخلى الحاخام الأعظم عن العزلة التي يريدها لنفسه، ويدخل هو وأبناء طائفته في الجهاد الذي كتب علينا نحن العرب من مسلمين ونصارى ويهود لكي ندفع عن بيت المقدس أدناس الصهيونية؟