ولاوتسو) من مرقديهما ومعيد بردة الشباب إليهما في القرن العشرين، هو غضبة من غضبات (يتيم قريش) في زمن كثر فيه اليتامى والتعساء!
وأخيراً هو صرخة من صرخات (الناصري) في عصر كثر فيه الصراخ وارتفع العويل حتى كاد صوت الحديد يطغي على صوت الله!!. . .
إن من يقرأ (همس الجفون) يجد أن نعيمه قد مرت عليه مراحل كان فيها عرضة للتجارب التي لا بد منها (للعارفين) ففي قصيدته (أنشودة) يقول:
ألقيت دلوي بين الدلاء ... وقلت علي احظي بماء
فعاد دلوي مع الدلاء ... وليس فيه إلا رجائي
علقت عودي على الغصون ... وقلت علي أسلو شجوني
فلم تردد على الغصون ... أوتارُ عودي إلا جنوني!
علوت يوماً متن جوادي ... ورشتُ سهمي على الأعادي
فخر ميتاً تحتي جوادي ... وعاد سهمي إلى فؤادي!
أدرت وجهي نحو السحاب ... وصحتُ: رب: خفف عذابي
فجاء صوت من التراب ... يصيح: رب: خفف عذابي!
في هذه الأنشودة نسمع صراخ روح نعيمه التي قابلت الشر بالخير والبغض بالحب فعاد خيرها عليها شراً وحبها بغضاً، غير أنه اهتدى في المقطع الأخير من أنشودته إلى حقيقة استراح إليها وهي: أن الحياة حقل يستثمره الإنسان وبقدر البذار والعمل ونوعيهما تكون الغلة.
والعيش حقل تستثمرينه ... يعطيك مما تستودعينه!
وقد توسع نعيمه في هذا المعنى في فصله الرائع (موزع البريد) أو القدر في كتابه الفريد المشهور (البيادر).
وفي أنشودة نعيمه هذه صور ومشاهد من معترك الحياة اليومي، فهو يصور نفسه فارساً يوقع أنشودته على خبب جواده كما يعرض علينا فصولاً مألوفة من صراع الإنسان على هذا الكوكب، ففي كل مقطع من مقاطع الأنشودة صورة بارزة قد استوفت جميع خطوطها وألوانها؛ وتلك ظاهرة جلية في شعر نعيمة فلكل قصيدة من قصائده ألحانها التي تنسجم مع