للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهذا تصوير جميل يدلك على ما وصل إليه الأمير في درجات الشعر وأظن الفرق بينه وبين الباكورة بعيد، فهذا شعر قوي محكم اعتمد فيه الأمير على نفسه وانتزعه من ذات صدره، فجاء ينطق ببراعة قائلة الفنان، وإني لأعجب كيف اندفع البارودي إلى تلميذه الناشئ هذا الاندفاع الغريب، فقد نظم فيه من الفرائد كما لو كان خدين شبابه ورفيق صباه، كأن يقول.

أنا أهواك فطرة ليس فيها ... من مساغ للنقض والإبرام

جمعتنا الآداب قبل التلاقي ... بنسيم الأرواح لا الأجسام

فبلغنا بالود ما لم ينله ... بحنان القربى ذوو الأرحام

وإذا الحب لم يكن ذاد واع ... كان أرسى قواعداً من شمام

هذا وقد اتصلت المراسلات بين الشاعرين فترة غير قصيرة كان لها أثرها البين في عظمة الأمير فقد تلفت الدهر بعينيه إلى من يخطي بمساجلة البارودي العظيم، وتطلع محبو الأدب في شتى بقاع العربية، إلى الشاعر الجديد يحفظون قصائده، ويقتنصون فرائده، ويوازنون بين نثره ونظمه فيجدونه أهلاً للحمد والإطراء وهذا بلا شك غنم كبير فاز به الأمير.

(له بقية)

محمد رجب البيومي

<<  <  ج:
ص:  >  >>