(مسرحيات المشكلات في أدب المدرسة الحديثة التي أنشأها إبسن النرويجي وتبعه برناردشو وغيرهما.
الواقع أن الفكر عامل هام من عوامل المسرح. وقد تصل أهميته أحياناً إلى حد اعتباره عاملاً أساسياً. لأن المسرح فضلاً عن كونه وسيلة للتسلية أو الترفيه فهو في نفس الوقت وسيلة لتحقيق الاتصال بين تفكير مؤلف المسرحية وبين الجمهور.
وكل ما في الأمر أن هذه التفكير يظل دائماً مستخفياً وراء العناصر الظاهرة الأخرى ولكنه رغم ذلك عنصر ضروري له ذاتيته الخاصة ويمتاز عن ضروب التفكير الأخرى بثلاث ميزات:
فميزته الأولى أنه لا يعني (الحقائق الكبرى) وعلاماتها أن يكون لها أثر مباشر في حياة الإنسان واحساساته كالموت والقضاء والقدر والحب ونحو ذلك. وصحيح أن بعض أدباء فرنسا خاصة وأوربا عامة اتجهوا - في العصر الحديث - إلى العناية بالحقائق التافهة ذات الأثر المؤقت استجابة لميول العوام وشغفهم بالجديد أياً كان إلا أن هذا يعتبر انحرافاً خطيراً على حساب الفن الصحيح.
وأخشى أن يفهم من ذلك المسرح فن محافظ أو رجعي التفكير وهذا خطأ. لأن الحقائق الكبرى الخالدة. فالصراع بين القديم والجديد مثلاً حقيقة خالدة نراها في مسرحية (الضفادع) لأرستوفان. في القرن الخامس قبل المسيح كما نراها في المسرحيات الحديثة دون ملل أو استغراب. وحيرة الإنسان وضعفه حيال القضاء حقيقة خالدة يصورها أندريه جيد الآن كما كان يصورها شاعر الإغريق سوفو كليس بلا خلاف في اللب والجوهر والصميم. وهكذا. . .
وميزته الثانية. أنه لا يعرض الحقائق الكبرى على العقول كقضايا جدلية فتستعصي على الفهم بل يثير الاحساسات والمشاعر فتصبح هذه الحقائق في متناول مختلف العقليات غالباً. وفضلاً عن ذلك فإنه يعرضها عرضاً اختيارياً بمعنى أن الناس لا يجبرون على مشاهدتها ومن هنا يسهل اتصال نفوسهم بها اتصالاً مباشراً فيفهمونها من حيث يخيل إليهم أنهم (يتسلون بها).
وميزته الثالثة: الحوار. ومعلوم أن أبرع وأفعل أداة في توضيح الاتجاهات المختلفة أو