الطائفة إلى ذلك الحادث أيضاً؟ ولكني ضائق بهم من قبل ذلك ضيقاً شديداً.
ولقد زادني غيضاً من هؤلاء وسخطاً عليهم مناظر تتابعت منذ أيام بعضها في أثر بعض كأنما تآمرت بها الظرف على كيدي. .
هذا رجل ملقى على الأرض ذات مساء على الطوار أمام الغرفة التجارية يقيئ من فوق ومن تحت، وقد أقيم على هذا الطوار ثلاثة من الشرطة غلاظ شداد ليمنعوا السابلة أن تطأ أقدامهم القيء حذر الموت وانتشار الوباء، وكان أحدهم في وسط الطوار، والثاني في طرفه الشرقي والثالث في طرفه الغربي، وكان ما كلفوا به من أمر جد خطير، ولكنهم اجتمعوا ثلاثتهم يتحدثون وظهورهم إلى المريض والسابلة يطئون القيء ويحملون منه ما يكفي لأبادة القاهرة كلها؛ ولست أدري أين ذهب وقتذاك الأطباء والمسعفون؛ وانزعج أحد المارة لتحذير الناس إياه وهو شاب كان يتأبه ويتنبل بمشيته وملابسه، ولكنه وطئ القيء ونظرت فإذا به جن جنونه وراح يشتم هؤلاء ما وسعه الشتم، ثم دخل صيدلية قريبة فطهر حذاؤه، وعاد يستأنف الشتم ويتم المعركة. . أتظن بعد ذلك يا قارئي العزيز أنهم - أعني هؤلاء العساكر الأماثل - عاد كل إلى موقفه فلبث فيه؟. كلا والله، فما لبثوا أن تجمعوا ثانية يتحدثون ويضحكون والسابلة يطأون القيء وهم لا يعلمون مبلغ ما يخوضون من هول، وكان يكتفي أحد الشرطة البواسل بأن يدير وجهه بين حين وحين فيقول لأحد المارة (ما قلنا يا سيدي ألف مرة بلاش مرور من هنا). .
ورأيت مرة أخرى عدداً من هؤلاء وعلى رؤوسهم خوذات الحديد، وقد جلسوا على مقاعد جلبوها من أحد المقاهي عند أول شارع قصر العيني في مدخل ميدان الإسماعيلية وراحوا يمصون وعلى رؤوسهم الخوذات، عيدان قصب السكر!. . يا لطيف. . يا دافع البلاء يا رب! هل يرى نزلاؤنا مسخرة في مصر أروع من هذه المسخرة؟.
ورأيت مرة ثالثة، فريقاً من هؤلاء - والعياذ بالله مما رأيت - كانوا بعض المتظاهرين بهراواتهم، فهل رأيت (الفتوات) ذات مرة في أحد أحيائنا البلدية يتهيئون لمعركة ثم يمنعون في الحي كله تحطيماً وضرباً لا يبالون ماذا يحطمون ولا من يصيبون؟ على هذا النحو انطلق (الفتوات الميري) يضربون كل مار فيصيبون طبيباً أو مهندساً أو شيخاً أو أستاذاً، وكان آلم ما شاهدت ضربة فظيعة تهوي على ظهر تلميذ في نحو الثانية عشر فما