الشيصبان وهي قبيلة من الجن. واستظرف الأستاذ قول أبي المنجم الرجاز:
إني وكل شاعر من البشر ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر
ثم قال الأستاذ عادل: ذكرت يا أخي عبد الغني أسماء بعض شياطين الشعراء وأن شيطان حسان من بني الشيصبان، فاسمح لي أن أذكر بعض قول حسان في شيطانه، قال:
ولي صاحب من بني الشيصبان ... فطوراً أقول وطوراً هوه
وقد كان لشياطين الشعراء مدن وخيل وكلاب، وكانوا في مراتب مختلفة فلا بد أن يكون عليهم أمير، والى هذا يشير القائل:
إني وأن كنت صغير السن ... وكان بالعين تبو عني
فإن شيطاني أمير الجن
وربما اختار العرب الشياطين للشعر، لأنهم كانوا أهل حرب وجلاد، ففتشوا على ما اعتقدوا أنه مصدر قوة في ذلك، وأما اليونان كانوا أهل حكمة وفلسفة وفنون، فاستوحوا مصدر الجمال ممثلاً في المرأة، واستعانوا على خلق الجمال بربات الجمال.
ومما أذكره أنا لهذه المناسبة أن أحد النقاد المتقدمين قال: من عجائب أمر حسان أنه كان يقول الشعر في الجاهلية فيجيد جداً ويدعي أن له شيطاناً يقول الشعر على لسانه كعادة الشعراء في ذلك فلما أدرك الإسلام واستبدل بالشيطان الملك تراجع شعره وكاد يرك قوله، ليعلم أن الشيان أصلح للشاعر وأليق به وأذهب في طريقه من الملك.
وقد رأيت لأبي أسحق من أصحاب الجاحظ كلاماً يتصل بهذا الموضوع، قال بعد أن وصف حياة العرب المنقطعة في الفلاة واستيحاشهم بالتفرد: (وإذا استوحش الإنسان مثل له الشيء الصغير في صورة الكبير، وارتاب وتفرق ذهنه وانتقضت أخلاطه فيرى ما لا يرى ويسمع ما لا يسمع، ويتوهم على الشيء الصغير الحقير أنه عظيم جليل، ثم جعلوا ما تصور لهم من ذلك شعراً تناشدوه وأحاديث توارثوها، فازدادوا بذلك إيماناً ونشأ عليه الناشئ، وربى عليه الطفل، فصار أحدهم عندما يتوسط الفيافي، وتشتمل عليه الغيطان في الليالي الحنادس، فعند أول وحشة أو فزعة، وعند صياح بوم أو مجاوبة صدى، تجده وقد رأى كل باطل وتوهم كل زور، وبما كان في الجنس وأصل الطبيعة نفاحاً كذاباً، وصاحب تشنيع وتهويل، فيقول في ذلك من الشعر على حسب هذه الصفة، فعند ذلك يقول رأيت