للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

خيري باشا مهردار، واقتصرت

على بعض فقرات منها خشية الإطالة، وهي التي ضمنت وصف رحلته إلى الخرطوم، قال رحمه الله:

(أهدى إلى نسيم الصبا، الحاملة لرياض الربا، ووفود النسيم، المتحملة بالتكريم والتعظيم، ورسل الأصائل، المتضوعة بنشر الخمائل، وما يزري بنور الرياض، وتغازل المقل المراض، أرق من الدموع، في الربوع، وألعب من الراح، بالعقول والأرواح، وأشهى من الأمان، في الزمان، ووفاء الأخوان، وألذ من عناق أهل الاشتياق، بعد الفراق، وأعذب من الرحيق، على الريق، وأحلى من الإقبال، ببلوغ الآمال، وأحب من الأتحاف، بالأسعاف، وأهنأ من الورود، على حياض الوعود، وأشفى من الوصال، وأوفى من طيف الخيال. . . ولكني حيث تنقلت في البلاد، وهمت في كل واد، من أقطار السودان، القاصي منها والدان، واعتسفت طرقها، وشسوعة أسواقها، حيثما ذكره الأستاذ في الوقائع، وجنيته من ثمرها اليانع، التزمت أن أذكر بوجه الاختصار، ما يتذكر به ألو الأبصار، وعسى أن تنفق عنده بضاعتي المزجاة، وأفوز ببركة دعائه بطريق النجاة، فأقول معتمداً على الله، وما توفيقي إلا بالله. . . (قد اقتعدنا غوارب الأقتاد، وجبنا الصخور والأوتاد مسئدين في المهامة والقفار، مستندين إلى أعواد الأكوار، مصطحبين ما يفت في عضد الإصطبار، ويقلب قلب القرار على النار، إلى أن وصلنا إلى بندر الخرطوم، فكانت المحفوفة بالقذى، المحروسة بالأذى، لأنها القرية الظالم أهلها، المستحيل مثلها، بسبب هوائها الوخيم، ووبائها المستديم، فكنت تراها أقذر من بيت الدجاج، وأهون من تبالة على الحجاج، لما بها من الحشرات، المجهولة الأسماء والصفات، التي ليس منها خلاص، ولا للجروح قصاص، لتواردها من الست الجهات، إلى شن الغارات، ويكاد المقيم بها وقت القيظ، يتميز من الغيظ، ويستغيث بالسعير، في أوقات الزمهرير، فهي بين رياح متخالفة، وزعازع متوالفة، وظلل من الضباب، كأول يوم الحساب.)

بلاد لاسمين من رعاها ... ولا حسن بأهليها اليسار

إذا لبس الدروع ليوم بؤس ... فأحسن ما لبست لها الفرار

قلت مما اتفق لي نظمه في بلاد السودان وأهلها من جملة أبيات هذا البيت:

<<  <  ج:
ص:  >  >>