فيأخذ نفسه بما صح عنده من أحكام، وما كرم من أخلاق وما سما من مقاصد، ويدعوا لذلك غير متريث ولا مهيب، وقد يدعو هذا إلى شيء من المطاولة والتروي والمواصلة، فلا ضير، بل يجب أن يكون كذلك حتى يكون الأدب أو بعض الأدب عميقا معه برهانه فلا يهلهل عند النظر ولا يضمحل إزاء الحجة، ولا يتمهل أمام الواجب.
إن المعركة الخلقية الاجتماعية اليوم من الخطورة بمكان، فهي عند مفترق الطرق، وهي معركة مبادئ تتضاءل ليذهب زبدها جفاء، ويمكث حقها في الأرض بعد ثبات أهله وصبرهم وجلدهم وحكمة قيادتهم.
أنها لمعركة مبادئ تبقى بعد الأمة العربية عربية تهتز بتاريخها المجيد، أو تغدو غريبة تعتز بتاريخ من ليس لهم للحق تاريخ إلا من صفحات العدوان على حق خنقوه ودم سفكوه ومجتمع أضلوه. وان وراء الحق صادقة، وخلقا كريماً، وعزة، وضياء، وان وراء الباطل تحللا، وسفهاً، وذله وعماء، وما يبدي الباطل وما يعيد.
فمن غير الأديب العربي الحمى الأنف يطارحنا بلحنه الأخاذ فيهز القلوب والمشاعر والأفكار، بل يهز الأرواح هزاً منهاً إلى السبيل السوي الذي يجد أهله بعده عزهم وهداهم ونعماهم فلا يضلون في مهامه المذاهب الاجتماعية الكثيرة التي لا يكاد يتبين فيها الساري وضح الطريق، وإنما خشي ما فيها من متفجرات تدك بنيان النهضة من القواعد دكا، ولا تلبث ذويه حتى يعودوا إلى أنفسهم نادمين فينشئوا حياة ويبنوا المجد كبناء الأبوة الأمجاد.
إن الأمر حقيقة وجد وما هو بخيال وهزل، فما أحرى الغير على يوم الأمة وغيرها أن يفكروا في هذا الضرب من الأدب والأدباء، ولعل من الخير أن يدعوا إلى مؤتمر أدبي على عربي يجتمع مؤتمروه في إحدى عواصمنا كل عام، فتعرض فيه مشكلاتنا الأخلاقية وآفاتنا الاجتماعية ويوجه نحوها الضياء، ويوصف لها الدواء، فيقوى الرجاء بان العرب يسيرون قدما إلى الأمام ودائما إلى الأمام بعد أن صدروا عن عكاظهم الجديد عكاظ الخير والأدب والوطن العربي الكبير.