وليس أدل على ذلك من مواقف الممثلة أمينة رزق، وقد كانت ندابة نواحة، غاضت البسمات في صدرها، وشلت أوتار وجهها، وانساحت دموعها فياضة، فقد أعادها الأستاذ طليمات إلى قاعدتها، وخلقها خلقاً جديداً، فاسترد ثغرها ابتسامته الحلوة، وطغت على وجهها صور نفسها، وصارت دموعها تقطر لؤلؤاً على خدين فيهما إشراقة الفرح بالحياة.
أما فردوس حسن فقد انطلقت على سجيتها في تمثيل دورها، ونضت ثوب الصناعة، فبدت كما يراها باريها على اللدد والعنف والانتقام.
لقد تجلت عظمة هذه الممثلة في عنفها وقسوتها، في نظراتها الحادة المشتعلة، في نبرات صوتها الجافية، في بصمات قدميها تطأ المسرح فيئن المسرح تحت قدميها، في كظمها ما غاظها من مواطنتها وقد تنكرت لوطنها وقومها، في استثارة نخوتها، في التوسل إليها والاستنجاد بها، في طعنتها النجلاء وقد أغمدت نصل خنجرها حتى قبضته، في الأنة وقد شفت غليل صدرها بالدم والقتل! لقد سجلت فردوس حسن أعظم موقف في تاريخ حياتها الفنية لأنه دور يوائم ما انفطرت عليه نفسها.
وددت لو أقف حيال بقية الممثلين والممثلات، ولكني لأمر ما. . أتجاوز عن هذا الموقف لأتقدم بتهنئة صادقة للمخرج والممثلات والممثلين، الذين تساندوا وتكاتفوا فبلغوا المكانة التي دعاهم مؤلف الرواية إلى الاستواء عليها بجانب عرشه الفني.